العلاج بالرسم ومخالطة الطبيعة طريق الاستشفاء فى رحلة «معتزل السعادة» على أرض النوبة.. سائحون يخلطون ألوان الفرح على جدران جزيرة هيسا النوبية.. الزائرون ينزلون لـ«بلاد الدهب» ويشاركون عادات وتقاليد أهل المكان

الخميس، 11 ديسمبر 2025 06:30 م
العلاج بالرسم ومخالطة الطبيعة طريق الاستشفاء فى رحلة «معتزل السعادة» على أرض النوبة.. سائحون يخلطون ألوان الفرح على جدران جزيرة هيسا النوبية.. الزائرون ينزلون لـ«بلاد الدهب» ويشاركون عادات وتقاليد أهل المكان جدار البيوت النوبية

أسوان – عبد الله صلاح

فى اللحظة التى تطأ فيها قدم الزائر أرض النوبة، يتبدل الإحساس بالوقت، ويشعر كأن نبضه انتظم على إيقاع آخر أكثر هدوءاً وصفاءً وعلى ضفاف النيل بجزيرة هيسا بمدينة أسوان، يجد الزائر نفسه جزءًا من مشهد لا يشبه أى مكان آخر "بيوت ملونة تستقبل الوافد بابتسامة، وأهالى بسطاء يمنحون السعادة بلا مقابل، وطبيعة تحمل سكونًا قادرًا على شفاء الروح قبل الجسد"، وسط هذا العالم المفعم بالصفاء انطلقت رحلة "معتزل السعادة".


"اليوم السابع" شارك مجموعة من السائحين من مصر والدول العربية والأجنبية ليخوضوا تجربة ممتدة خمسة أيام من التأمل والفن والوعى، تنتهى بتجربة عملية على جدران البيوت النوبية تعكس الحب والامتنان لأهل المكان كنوع من العطاء.
 

البداية.. منطق الرحلة وفكرة العطاء

بدأت الفكرة عبر مجموعة من المنظمين الذين أرادوا كسر النمط التقليدى للرحلات السياحية، وتحويل الزيارة إلى تجربة إنسانية وروحانية متكاملة، تجمع بين الثقافة والفن والطبيعة، يقول معتصم البيطار، مؤسس رحلة معتزل السعادة: "لم نرغب فى رحلة عادية، أردنا أن نصنع تجربة لها معنى، أهل النوبة استقبلونا بكرم يفوق الوصف، وكانت الجداريات أقل حاجة ممكن نقدمها لهم كنوع من رد الجميل على محبتهم لنا، والرحلة لم تكن مجرد رؤية أو زيارة، بل رحلة شفاء للجسد والروح والعقل".


وأضاف البيطار: "بدأنا اليوم الأول بتمارين لها علاقة بالوعي والتشافى، وتمارين للإثراء الثقافى، شملت التعرف على الأكلات المحلية والتقاليد والعادات، والتفاعل مع أهالى الجزيرة، وكل خطوة فى هذه الرحلة مصممة لتمكين المشاركين من التواصل مع الطبيعة والناس بطريقة مختلفة، تجعلهم يستعيدون إحساسهم بالسلام الداخلى.


وتحدث معتصم البيطار عن فلسفة الرحلة: اسم الرحلة جاء لتحقيق السعادة واستلهامها من أهل النوبة ورغم بساطة المعيشة، إلا أنهم قادرون على السعادة، وهذا ما نحاول توصيله للمشاركين والهدف أن يترك كل شخص بصمته فى المكان من خلال الجداريات ويشعر أنه جزء من مجتمع متكامل يحترم الفن والتقاليد".
وأشار إلى أن الرحلة تجمع بين الثقافات المختلفة، فالمشاركون من مصر ودول عربية متعددة، وتستمر التجربة على مدار خمسة أيام لتشمل كل عناصر الوعي والاستشفاء الروحى والثقافى.
 

الرموز والألوان: لغة الجداريات النوبية

تولى فنانان تشكيليان من أسوان: على عبد الفتاح ومها جميل، تدريب المشاركين على مفردات الفن النوبى، الذى يرتكز على أربعة ألوان رئيسية لكل منها معنى خاص.


قال على عبد الفتاح، الفنان التشكيلى المشرف على الورشة: "شاركنا فى ورشة رسم الجداريات على بيوت النوبة مع مجموعة من الضيوف القادمين من أكثر من دولة عربية، بما فى ذلك مصر والأردن والسعودية، كانت رسالتنا هى إضافة شيء لأهل البلد كنوع من رد الجميل، بدأنا الورشة بتعريف المشاركين على الفن النوبى، الألوان المستخدمة فيه، ومعانى الرموز على الجدران، ثم مارس المشاركون الرسم على جداريات أحد المنازل بطريقة تعكس رؤيتهم الشخصية مع الاحتفاظ بهوية النوبة".


وتابعت الفنانة مها جميل: "الفن النوبى له لغة خاصة، وكل رمز له معنى محدد، المثلثات تمثل الديانات الثلاث التى مرت على أهل النوبة عبر التاريخ، وكل لون له دلالته. الأخضر يرمز للزرع والخير، الأزرق للنيل والسماء، الأصفر الذهبى للرمال والشمس، والأبيض للنقاء والسلام. هذه التفاصيل تجعل من الرسم تجربة متكاملة للعطاء والانسجام مع المكان".


وأشارت الفنانة مها، إلى أن المشاركون عبروا عن امتنانهم من خلال الفن، وساعدهم الفن على منحهم طاقة إيجابية تساعدهم على طرد الحزن وتحقيق السعادة، موضحة أن العمل على الجداريات يعزز الإحساس بالانتماء والقدرة على العطاء، كما أنه تجربة روحية تتجاوز مجرد تعلم الرسم"، وتضيف: "كل مشاركة تحمل أثرًا شخصيًا، ورسوماتهم تعكس وجدانهم وتعطي الحياة للجدران القديمة".
 

شهود الرحلة: تجارب المشاركين

الضيوف لم يكونوا مجرد متلقين، بل كانوا جزءًا حيًا من التجربة، ولذلك عبرت "فرح"، إحدى المشاركات من مصر، عن انبهارها بتجربة الاحتكاك مع أهل النوبة: "أنا أحب أسوان وزرتها من قبل، لكن هذه المرة شعرت بالسعادة الحقيقية لأنى خالطت أهل النوبة فى حياتهم اليومية وثقافتهم وعاداتهم وتقاليدهم وأردت أن أضيف لهم بهجة وسعادة كما شعرت أنا، لذلك رسمت مركبًا نيليًا، وهو أكثر الرموز استخدامًا عند الأهالى"، وتقول فرح: "الرسم جعلنى أعبر عن مشاعرى بصدق، وأشعر بأنى جزء من المكان".


بينما قالت منة، مشاركة أخرى: "لست بارعة فى الرسم، لكن التجربة جعلتنى أشعر بالفرح، فقد استطعت التعبير عن ما بداخلى على جدران النوبة وأكثر لون جذبنى هو الأصفر، لأنه مصدر السعادة والبهجة، ويعكس نور الشمس ودفء المكان"، وأوضحت منة أن التجربة أضافت لها شعورًا بالطمأنينة والراحة النفسية.
وأكدت منى من الأردن، التى زارت أسوان لأول مرة، أن جمال أسوان لا يوصف فى البساطة والهدوء هنا مختلفان عن أى مكان زرتُه من قبل، رغم أننى سافرت العديد من الدول، لكن أسوان تمتاز بطابع خاص يجعلها غير قابلة للمقارنة، والتجربة مع أهل النوبة علمتنى معنى التعايش مع الطبيعة والاستمتاع بالهدوء.


ومن السعودية، عبر محمد بخيت عن إعجابه بالتجربة: "استمتعت كثيرًا بالرحلة، التجربة مختلفة تمامًا عن أى سفر سابق والرسومات كانت جميعها جميلة ولها دلالات على السعادة والكرم وأنا اخترت رسم الورود لأنها رمز للامتنان، ولأنها تعكس شعورى تجاه أهل النوبة الذين استقبلونا بحب".


وأوضح وليد شاهين، أحد مؤسسى الرحلة، أن أسوان ليست مجرد مكان للزيارة، بل تجربة حياتية متكاملة: "البلد تتميز بأن قلوب أهل المكان مفتوحة لكل الضيوف، وهذا الحب والإخلاص يظهر فى التفاصيل الصغيرة لكافة أنشطة الرحلة، من استقبال الضيوف وحتى التعليم والتوجيه فى الورشة والرحلة تعلم الناس معنى الإنسانية الحقيقية والتواصل مع الآخرين بدون قيود".
 

دور المجتمع النوبى: استقبال يحوّل الزائر إلى صديق

وتظل روح المكان وأهله هى محور التجربة، ويشارك رمضان، المعروف بـ "بوب النوبة"، تجربته مع الضيوف: "جئت لهذا المكان منذ ثمانى سنوات، وخصصت البيت على الطراز النوبى لاستقبال الزوار وإظهار التفاصيل الثقافية وعندما علمت ببرنامج رحلة معتزل السعادة، شاركت فى الفكرة بكل حماسة، وكنت حريصًا على تعريف الضيوف بعاداتنا وأكلنا وفنوننا التقليدية والهدف أن يعرف الزوار معنى النوبة الحقيقى من خلال الفن والروحانية والمشاركة المباشرة".
 

الجداريات تحمل رسائل ودلالات

الجداريات التى أنجزها المشاركون لم تكن مجرد رسومات، بل تحولت إلى أثر دائم فى ذاكرة المجتمع النوبي وزواره على حد سواء، حيث تعكس هذه الأعمال الفنية التبادل الثقافى والحب المتبادل بين الزوار وأهل المكان وأن كل لوحة تحمل جزءًا من روح صاحبها وروح المكان وهى أكثر من مجرد زيارة، وهذه الجداريات ستكون دائمًا جزءًا من المشهد اليومى للجزيرة، شاهدة على محبة ضيوف من بلاد مختلفة لأهل النوبة.
 

الختام.. استعادة معنى البساطة والسعادة

يُشار إلى أن مبادرات مثل "معتزل السعادة" تسهم فى تعزيز السياحة البيئية والثقافية بأسوان، وتفتح آفاقًا لتعاون مستدام بين المنظمين المحليين والزائرين، كما أنها تبرز الدور العميق الذى يمكن أن يلعبه الفن فى عملية الشفاء النفسى والاجتماعى، وتجعل من جدران البيوت مشاهد حية لرواية جديدة عن التلاقى بين الثقافات، وتؤكد أن السعادة يمكن أن تتجسد فى بساطة الحياة وكرم المضيفين وتواصل الأجيال.
 

أثناء-اختيار-الألوان
أثناء-اختيار-الألوان

 

أثناء-المشاركة
أثناء-المشاركة

 

ارتداء-غطاء-حماية
ارتداء-غطاء-حماية

 

الألوان-المستخدمة
الألوان-المستخدمة

 

البيوت-النوبية-القديمة
البيوت-النوبية-القديمة

 

الرسومات-بعد-الانتهاء-منها
الرسومات-بعد-الانتهاء-منها

 

المشاركات-مع-أهل-النوبة
المشاركات-مع-أهل-النوبة

 

المشاركون-فى-رحلة-معتزل-السعادة
المشاركون-فى-رحلة-معتزل-السعادة

 

بوب-النوبة
بوب-النوبة

 

توجيه-الرسم
توجيه-الرسم

 

جانب-من-الفن-النوبى
جانب-من-الفن-النوبى

 

جانب-من-ورشة-الرسم
جانب-من-ورشة-الرسم

 

جدار-البيوت-النوبية
جدار-البيوت-النوبية

 

رسم-البط
رسم-البط

 

رسم-الجداريات-على-البيوت
رسم-الجداريات-على-البيوت

 

رسم-الدائرة
رسم-الدائرة

 

رسم-العقرب_1
رسم-العقرب_1

 

رسم-القلب
رسم-القلب

 

رسم-مثلثات-النوبة
رسم-مثلثات-النوبة

 

رسومات
رسومات

 

على-ومها-أثناء-عرض-اللوحات
على-ومها-أثناء-عرض-اللوحات

 

مثلثات-النوبة
مثلثات-النوبة

 

مشارك-يرسم-عقرب
مشارك-يرسم-عقرب

 

ندوة-تعريفية-قبل-الرسم
ندوة-تعريفية-قبل-الرسم

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة