الكتاب يقرأ من غلافه.. إعادة تصميم ذاكرة الأدب العربى بلغة الفن العصرى

داخل أروقة معرض الشارقة الدولي للكتاب بدورته الـ 44، وبين الحروف وعبق الورق، يتوقف الزائر أمام جناح لا يشبه سواه، حيث الماضي يمد يده للحاضر، تنبض مبادرة "أدبنا بروح العصر" بالحياة، حاملة رسالة جمالية عميقة أن الأدب العربي لا يشيخ، بل يمكن أن يتجدد في كل زمن، ما دام يجد من يقرأه بعين الفن ووجدان الإبداع.

غلاف عصرى لكتاب الشوقيات

جيل يصنع ذاكرة الأدب

ولدت الفكرة من قلب "هوية الشارقة" لتكون جسراً بين جيلين، جيل صنع ذاكرة الأدب، وآخر يبحث عن لغته الخاصة في التعبير البصري، المبادرة ببساطة أعادت إلى الحياة عشرين عملاً أدبياً خالداً من التراث العربي، لكن بوجه جديد أغلفة تحمل ملامح الجيل الحالي، وتخاطب ذائقته الفنية دون أن تمس أصالة النص أو جوهر الفكرة.

غلاف دعاء الكرون

الطبعات القديمة لروائع الدب العربى

بمجرد أن تطأ قدماك الجناح، تشعر وكأنك تعبر إلى زمنين في آن واحد، على الرفوف، تتجاور الطبعات القديمة لروائع الأدب العربي مع أغلفتها الجديدة التي أبدعها شباب المصممين العرب، هناك ترى "دعاء الكروان" وقد تزين بوجه رمزي حديث يترجم مأساة آمنة بلغة الألوان، و"كليلة ودمنة" وقد صيغت بروح معاصرة، بينما يقف ديوان محمود درويش فى ثوبه الجديد يليق بشاعر الحلم والهوية.

حولك تنشر نسخ مصغرة من الأغلفة الجديدة من سقف الجناح كأنها نجوم تضيء سماء الأدب، بينما تتوزع مجسمات ضخمة لأعمال شكلت ذاكرة العرب مثل "رباعيات الخيام"، "الشوقيات"، "كوابيس بيروت"، و"بريد الليل"، كلها تحولت إلى لوحات تحمل قصصًا لا تروى بالكلمات وحدها.

وحول تلك الأعمال تقول الفنانة التشكيلية نورا زيد، إحدى المشاركات في المشروع، وهي تتأمل غلاف "الشوقيات" الذي صممته، المبادرة ليست مجرد إعادة تصميم للأغلفة، بل هي محاولة لإعادة وصل الشباب بالأدب العربي من خلال لغة يفهمونها ويحبونها، المصمم لا يقرأ النص فقط، بل يعيش زمنه ويستنطق رموزه حتى يترجم روحه إلى عمل بصري يدهش العين والعقل معًا.

وأضافت، نورا زايد، فى تصريحات خاصة لـ "اليوم السابع"، أن لكل غلاف هنا حكاية جديدة تروى عن نص قديم، وكل تصميم هو قراءة جديدة لكتاب سبق أن قرأه الملايين.

الفنانة نورا زايد خلال ورشة العمل

أكثر من 100 مصمم عربى

وقد جمعت المبادرة أكثر من 100 مصمم عربي، اختير من بينهم خمسة مبدعين تألقوا في تقديم رؤى بصرية جديدة لأعمال الأدب العربي الخالد كندة غنوم، نورا زيد، عائشة الحمراني، إبراهيم زكي، وناصر نصر الله، وخصص لهم جناح خاص ليحكي مسيرتهم مع الحروف والظلال والألوان.

الأعمال الشعرية لمحمود درويش

ورش عمل فنية

ولم تكتف المبادرة بعرض الأعمال فقط، بل امتدت لتقدم ورش عمل فنية تهدف إلى تعريف الزوار بمفهوم "السرد البصرى" وكيف يمكن تحويل النص الأدبي إلى رمز فني معاصر يعبّر عن روح الحكاية بلغة الصورة.

هكذا تتحول الكتب في "أدبنا بروح العصر" من مجرد أوراق إلى كائنات حية تتنفس الجمال، وتؤكد أن الغلاف لم يعد مجرد واجهة للكتاب، بل أصبح بوابته الأولى إلى القلب والعقل.

اليوم السابع أمام مبادرة أدبنا بروح العصر