اختيار اسم نجيب محفوظ شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته القادمة القريبة، اختيار موفق، يستحق التحية، لأسباب كثيرة جدا.
طبعا هناك الدور العظيم الذي قام به نجيب محفوظ في الرواية العربية، على مستوى التأسيس لحضورها الكبير في الأدب العربي، وعلى مستوى الانتقال بها نقلات عديدة جدا على المستوى الفني، وعلى مستوى استكشاف وتمهيد أرض جديدة لها، لم تكن ممهدة، وعلى مستوى ربطها بمسيرة الأدب الإنساني كله.
وطبعا هناك أيضا إنجاز نجيب محفوظ الكبير في السينما، حيث تحول عدد كبير من أعماله الروائية والقصصية إلى أفلام مهمة، بعضها يدخل ضمن أفضل الأفلام العربية، ويتصل بهذا إسهامه الكبير أيضا في كتابة عدد من السيناريوهات لأفلام كبيرة القيمة (بالمناسبة، ليس من بينها أي عمل قصصي أو روائي من قصصه ورواياته).
وطبعا هناك كذلك ما ترتب على الاهتمام العالمي بتجربة نجيب محفوظ بعد فوزه بنوبل، التي كان مستحقا لها قبل أن ينالها بزمن طويل، والتي حصل عليها حتى قبل أن يترجم أهم عمل له (وهو روايته "الحرافيش")، إلى اللغات التي يعتد بها القائمون على هذه الجائزة.. وهذا الاهتمام يجعل حضور نجيب محفوظ (في دوائر عديدة للتلقي، خلال لغات كثيرة ترجمت أعماله إليها قبل نوبل وبعدها) حضورا "جاذبا " لعدد من كبير من زوار المعرض القادمين من بلدان عدة.
بالإضافة طبعا لكل من قرأوا أعمال نجيب محفوظ بالعربية، أو حتى شاهدوا بعض الأفلام التي شارك فيها.
ومن الناحية العملية، يعد هذا الاختيار مناسبا لما تمنحه أعمال نجيب محفوظ وما يحيط بها من مواد متنوعة يمكن أن تثري أنشطة المعرض. وفي هذه الوجهة هناك عدد كبير من الأفلام التسجيلية عنه، وبعضها حوارات تستحق الاستعادة والمشاهدة، وعدد كبير من الدراسات العديدة عن أعماله، ومجموعة من المعارض التشكيلية التي به وبأعماله، وعدد كبير أيضا من الأفلام السينمائية الروائية التي ارتبطت به أو ارتبط بها، وعدد كبير من القضايا التي تطرحها أعماله وتستحق النقاش.
قد يتساءل متسائل: أليس هذا الاختيار لاسم نجيب محفوظ شخصية للمعرض في دورته السابعة والخمسين متأخرا بعض الشييء؟
والإجابة القريبة عن هذا التساؤل يمكن تتصل بالعبارة الشائعة الحكيمة، القديمة المتجددة: أن يتحقق إنجاز ما، متأخرا، أفضل من أن لا يتحقق أبدا !