بخيت الواحى

المتحف المصري الكبير.. احتفال بالجمال وتجسيد للحق في الثقافة

الخميس، 06 نوفمبر 2025 01:40 ص


في ليلة خالدة ستبقى علامة مضيئة في الذاكرة الإنسانية، افتتحت مصر المتحف المصري الكبير في مشهد أبهر العالم، حيث امتزج الفن بالتاريخ، والموسيقى بالحضارة، لتتحول لحظة الافتتاح إلى احتفال شامل بالهوية المصرية والحق الإنساني في التمتع بالثقافة والفنون.


جاء الافتتاح محملاً بروح الإبداع والإتقان، فالموسيقى التي صاحبت الحفل كانت مصرية النغمة عالمية الروح؛ جمعت بين الطابع الشرقي الأصيل والإيقاعات الغربية الحديثة في تناغم عبقري يجسد انفتاح الثقافة المصرية وقدرتها على التجدد والتفاعل مع مختلف الحضارات دون أن تفقد خصوصيتها. لقد كانت سيمفونية الافتتاح حواراً حضارياً بين الماضي والمستقبل، عبّرت عن قدرة الفن المصري على مخاطبة الإنسانية جمعاء بلغة الجمال.


أما المشهد التنظيمي فقد مثّل قمة في الانسجام والتكامل، إذ تزامن تشغيل المرافق الداخلية والخارجية للمتحف في لحظة واحدة، لتتجلى أمام الحضور صورة منسقة تُعبّر عن وحدة المكان والزمان، وعن قدرة الإنسان المصري على تحويل التراث إلى تجربة حية نابضة بالحياة والتكنولوجيا.


ووسط هذا الإبهار، جاء المحتوى الثقافي للمتحف ليحكي قصة مصر من فجر التاريخ حتى الحاضر، في عرض بصري شامل يجمع مراحل الحضارة المصرية القديمة والقبطية والإسلامية والمعاصرة، ليقدم للزائر تجربة فريدة تمكّنه من معايشة التاريخ في أبهى صوره.


إن افتتاح المتحف المصري الكبير لا يمثل مجرد حدث سياحي أو أثري، بل هو تجسيد حيّ لمبدأ الحق في الثقافة الذي أكدت عليه المواثيق الدولية والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان، باعتباره حقًا أصيلاً لكل فرد في الوصول إلى الفنون والمعارف والتراث الإنساني. إنه رسالة واضحة بأن مصر تؤمن بأن الثقافة ليست ترفاً، بل حقٌّ إنساني أساسي يعزز الانتماء ويكرّس قيم التسامح والحوار بين الشعوب.


لقد أثبتت مصر، بهذا الافتتاح المبهر، أنها ماضية في طريقها نحو بناء مجتمع يكرّس العدالة الثقافية ويجعل من المتاحف والمسارح والمهرجانات جسورًا للتنوير والإبداع الإنساني.


ومن هذا المنطلق، توجّه دعوة صادقة إلى الآباء والأمهات لاصطحاب أبنائهم في زيارة المتحف المصري الكبير، ليعيشوا تجربة فريدة تمزج بين المتعة والمعرفة، وتغرس في نفوسهم الاعتزاز بجذورهم وهويتهم الوطنية. فزيارة المتحف ليست مجرد نزهة، بل درس في التاريخ والوعي والانتماء، وفرصة لغرس حب الثقافة في قلوب الأجيال القادمة.


فالمتحف المصري الكبير لم يفتح أبوابه فقط أمام الزائرين، بل فتح نوافذ جديدة للأمل والفخر والوعي بحقوق الإنسان في التمتع بالثقافة والجمال.

--
مدرب وباحث بالمجلس القومى لحقوق الإنسان




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب