كثيرون يظنون أن أمراض القلب تُعلن عن نفسها بألمٍ حادٍّ في الصدر فحسب، لكن الحقيقة أن الجسد غالبًا ما يرسل إشاراتٍ مبكرة وقت المجهود، تكشف عن خللٍ في عمل القلب قبل حدوث أي أزمة واضحة. فخلال المشي السريع أو صعود الدرج أو ممارسة الرياضة، يمكن أن تتجلّى أعراض دقيقة لكنها تحمل إنذارًا حقيقيًا بأن عضلة القلب لم تعد تعمل بالكفاءة المطلوبة.
وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، فإنّ بعض الأعراض التي تظهر أثناء الجهد البدني – مثل ضيق التنفس المفاجئ، أو اضطراب النبض، أو الشعور بالإجهاد غير المعتاد – لا يجب تجاهلها أبدًا، لأنها قد تكون العلامات الأولى لضعف عضلة القلب أو انسداد الشرايين التاجية. الكشف المبكر يمنح فرصة ثمينة للسيطرة على الحالة قبل تطورها إلى نوبة قلبية أو قصور مزمن في القلب.
ضيق التنفس الذي لا يتناسب مع الجهد
إذا وجدت نفسك تتوقف لالتقاط أنفاسك بعد صعود درجات قليلة، أو إذا أصبح التنفس ثقيلًا مع أقل مجهود، فهذه ليست مجرد قلة لياقة. ضيق النفس المفاجئ أو المتكرر أثناء النشاط يُعدّ من أهم مؤشرات قصور القلب أو ضعف ضخ الدم إلى الرئتين. يحدث ذلك عندما لا يتمكن القلب من إيصال الكمية الكافية من الأكسجين إلى العضلات، فيبدأ الجسم بإطلاق إنذاره عبر اللهاث والشعور بالاختناق.
ألم الصدر أو الضغط أثناء الحركة
الشعور بضغط أو ثقل أو انقباض في منتصف الصدر أثناء المشي أو الجري هو إشارة تستدعي التوقف فورًا. هذا العرض قد يدل على الذبحة الصدرية الناتجة عن نقص تدفق الدم إلى عضلة القلب بسبب تضيق الشرايين التاجية. أحيانًا يمتد الألم إلى الذراع اليسرى أو الرقبة أو الفك، ويتراجع عند الراحة. تجاهل هذه العلامة قد يؤدي إلى انسداد كامل في الشريان وحدوث أزمة قلبية.
اضطراب ضربات القلب أثناء التمارين
خفقان القلب السريع أو غير المنتظم أثناء المجهود ليس أمرًا عابرًا دائمًا. فحين يشعر المرء بنبضاتٍ متقطعة أو قوية بشكل غير طبيعي أثناء الرياضة، فقد يكون ذلك نتيجة اضطراب في الإشارات الكهربائية المنظمة لنبض القلب. هذه الحالة – إن تكررت – تستوجب تقييمًا فوريًا من طبيب القلب، إذ يمكن أن تتطور إلى رجفان أذيني أو توقف مفاجئ للقلب في الحالات الخطيرة.
الدوخة وفقدان التوازن مع النشاط
الإحساس بالدوار أو الغشاوة المفاجئة أثناء ممارسة الرياضة قد يعني أن القلب لا يضخ الدم بالقدر الكافي إلى الدماغ. ومع أن الجفاف أو انخفاض السكر قد يسبّبان أعراضًا مشابهة، إلا أن تكرارها مع الجهد يشير غالبًا إلى اضطراب قلبي في النبض أو الصمامات. استمرار هذه الحالة يستدعي فحصًا فوريًا لتحديد السبب الدقيق وتجنّب الإغماء المفاجئ أو السقوط أثناء التمرين.
التعب السريع رغم النشاط المعتاد
من العلامات التحذيرية المهمة فقدان القدرة على أداء التمارين التي كانت سهلة سابقًا. فإذا أصبحت الأنشطة اليومية مجهدة أو شعرت بانهاك مبالغ فيه عند بذل أقل مجهود، فربما يعاني قلبك من ضعف في العضلة أو انسداد تدريجي في الشرايين. هذه العلامة البسيطة قد تكون أول إشارة إلى بداية قصور القلب المزمن، ويجب التعامل معها بجدية قبل أن تتفاقم الحالة.
التورم في القدمين بعد المجهود
تراكم السوائل في القدمين أو الكاحلين عقب ممارسة الرياضة ليس عرضًا بسيطًا. عندما يضعف القلب عن ضخ الدم بكفاءة، يبدأ السائل بالتجمع في الأنسجة الطرفية، فيبدو التورم واضحًا عند نهاية اليوم أو بعد بذل مجهود. هذه الحالة تُعرف بالوذمة القلبية، وغالبًا ما تُرافقها زيادة في الوزن أو ضيق تنفس عند الاستلقاء.
التعرق البارد والغثيان أثناء الجهد
يشير التعرق الغزير والمفاجئ المصحوب بغثيان أو دوار أثناء التمرين إلى احتمال وجود أزمة قلبية وشيكة. هذه الأعراض، عندما تأتي مع ألم الصدر أو ضيق النفس، لا يجب التهاون معها إطلاقًا. فهي تمثل ردّ فعلٍ للجهاز العصبي نتيجة انخفاض تدفق الدم الحاد إلى عضلة القلب.
انخفاض القدرة البدنية المفاجئ
إذا لاحظت أن طاقتك تتراجع دون سبب واضح، وأن جسمك لم يعد يحتمل ما كان معتادًا عليه من نشاط، فقد تكون المشكلة في الدورة الدموية وليس في العضلات. القلب المجهد لا يستطيع تلبية احتياجات الجسم من الأكسجين، مما يؤدي إلى انخفاض التحمل وسرعة التعب حتى في أبسط الأعمال.
متى تصبح الحالة طارئة؟
عند الشعور بألم شديد في الصدر يمتد إلى الذراع أو الفك، أو عند حدوث ضيق حاد في التنفس لا يتحسن بالراحة، أو دوار يؤدي إلى فقدان الوعي، فهذه علامات طارئة تستوجب الاتصال الفوري بالطوارئ أو التوجه إلى أقرب مستشفى. فكل دقيقة تأخير قد تعني فقدان جزء من عضلة القلب للأبد.
إن مراقبة هذه الإشارات المبكرة والتصرف بسرعة يمكن أن تنقذ حياةً بأكملها. فالقلب نادرًا ما ينهار فجأة دون مقدمات، لكنه يتحدث بصوتٍ خافت من خلال الأعراض التي تظهر مع المجهود، وعلى من يصغي أن يستجيب قبل فوات الأوان.