لم تعد العملية الانتخابية في مصر مجرد صناديق وبطاقات واقتراع تحت إشراف قضائي، بل باتت عملية شاملة تُدار على الأرض وفي الفضاء الإلكتروني في آن واحد، وهنا يبرز دور الهيئة الوطنية للانتخابات بوصفها اللاعب الأكثر حضورًا وتأثيرًا في ضبط المشهد وضمان نزاهته.
فعلى مدار يوم التصويت، لا تكتفي الهيئة بمتابعة القضاة داخل اللجان أو رصد المخالفات التي قد تحدث في الداخل، بل تخطو خطوة أبعد نحو مساحة أكثر حساسية وتأثيرًا، وهي وسائل التواصل الاجتماعي، ومن يقرأ بيانات الهيئة المتكررة وتصريحاتها طوال اليوم يدرك أن المتابعة لم تعد محصورة بين الجدران الأربعة للجنة، بل أصبحت مراقبة شاملة لكل ما يُنشر على السوشيال ميديا لحظة بلحظة.
أي بث مباشر، أي صورة، أي منشور يحمل ادعاءً أو يقدّم رواية عمّا يحدث أمام اللجان، كل ذلك يدخل فورًا على رادار الهيئة، وما إن يتم رصد معلومة ما حقيقية كانت أو مشكوكًا فيها حتى تُوجَّه الجهات المعنية للتحرك الفوري والتحقق من صحتها على الأرض، التحقق هنا لا ينتظر شكاوى رسمية، بل يبدأ من نبض الناس على هواتفهم.
هذا التحرك لم يعد رفاهية، فالسوشيال ميديا أصبحت جزءًا من العملية الانتخابية نفسها؛ منصة للتأثير، للتحريض، لنشر الشائعات، أو لتوثيق الوقائع، وبالتالي بات من المستحيل إدارة انتخابات دون إدارة ما يُنشر عنها.
وفي المقابل، تلعب وزارة الداخلية دورًا مكمّلًا لا يقل أهمية، في محيط اللجان، لا يُسمح بأي تجمعات غير ضرورية، ولا حتى بوقوف شخصين بشكل يثير الريبة أو قد يُفهم منه محاولة التأثير على الناخبين، المشهد هنا يدار بدقة مشددة، تفادياً لتحويل محيط اللجنة إلى مساحة ضغط سياسي أو اجتماعي أو حتى استغلال فوضوي.