إيران كونترا.. فضيحة هزت عرش ريجان فى البيت الأبيض

الأحد، 23 نوفمبر 2025 05:00 م
إيران كونترا.. فضيحة هزت عرش ريجان فى البيت الأبيض ريجان

محمد عبد الرحمن

فى منتصف الثمانينيات انفجرت واحدة من أكبر فضائح السياسة الأمريكية الحديثة، عُرفت باسم فضيحة إيران كونترا، والتي بدأت تفاصيلها تتكشف في أواخر عام 1986، تعود جذور الأزمة إلى القرار السري الذي وقّعه الرئيس الأمريكي رونالد ريجان في 23 نوفمبر 1981، والذي سمح لوكالة المخابرات المركزية بدعم وتدريب وتمويل "ثوار الكونترا" في نيكاراغوا، غير أن هذا القرار بقي طي الكتمان حتى انكشافه لاحقًا.

وتتكون الفضيحة، بحسب تقرير لـ"بي بي سي"، من ثلاثة عناصر متشابكة: أولها بيع إدارة ريجان أسلحة إلى إيران التي كانت تحتاجها بشدة خلال حربها مع العراق، مقابل أن تستخدم طهران نفوذها للضغط من أجل إطلاق سراح رهائن أمريكيين في لبنان، كانوا محتجزين لدى ميليشيات شيعية موالية لها.

أما العنصر الثاني فتمثّل في رفع أسعار هذه الأسلحة بشكل متعمد، بينما تم تحويل الفائض المالي سرًا إلى قوات الكونترا المناهضة للحكومة اليسارية الحاكمة في نيكاراجوا.

أما العنصر الثالث فهو مخالفة هذه العمليات للقانون الأمريكي الذي كان يحظر بيع السلاح لإيران، ويمنع تمامًا دفع أي فدية للخاطفين، كما كان الكونجرس قد وضع سقفًا صارمًا لتمويل الكونترا لا يجوز تجاوزه.

وكانت صحيفة الشراع اللبنانية أول من كشف عن الفضيحة في نوفمبر 1986، لتتبع ذلك ثلاثة تحقيقات مهمة، بينها لجنة برئاسة السيناتور جون تاور وتقرير خاص لمدعٍ اتحادي مستقل، انتهت إلى إدانة عدد من كبار مسؤولي إدارة ريجان، بينهم مستشار الأمن القومي الأدميرال جون بويندكستر ونائبه أوليفر نورث، بينما نجا ريجان نفسه من أي اتهام مباشر.

في تلك الفترة، بدأ موظف مجلس الأمن القومي أوليفر نورث وسكرتيره فاون هول في تمزيق وثائق سرية كانت ستكشف دورهما في الأنشطة غير القانونية المرتبطة ببيع الأسلحة وتحويل العائدات للكونترا، قبل أن يتم طرد نورث ليصبح أحد أبرز وجوه الفضيحة التي هزت إدارة ريجان في 21 نوفمبر 1986.

المفارقة أن الولايات المتحدة كانت قد اعتبرت إيران "عدوًا" بعد أزمة احتجاز رهائن السفارة الأمريكية في طهران عام 1979، وكان ريجان قد أعلن مرارًا أن حكومته "لن تتعامل مع الإرهابيين". لذلك شكل الكشف عن بيع الأسلحة لطهران كارثة دبلوماسية ضربت مصداقية واشنطن، وفق ما أورده موقع History.

وخلال جلسات الاستماع التلفزيونية الخاصة بالفضيحة، اكتشف الرأي العام أن الأموال الناتجة عن صفقات السلاح تم نقلها لدعم الكونترا رغم تعديل الكونجرس المعروف بـ"بولاند" الذي يحظر تمامًا أي مساعدة أمريكية لهم. وعلى الرغم من أن حكومة نيكاراجوا اليسارية كانت منتخبة بصورة شرعية، إلا أن إدارة ريجان كانت تسعى لإسقاطها عبر دعم معارضيها المسلحين.

اعترف نورث خلال جلسات الاستماع بأنه كذب على الكونجرس، وأقرّ بأن إدارة ريجان بأكملها كانت على علم بالمخطط، ليُدان بعرقلة العدالة وتمزيق وثائق رسمية، قبل أن يُحكم عليه بغرامة ومراقبة وخدمة مجتمعية.

لكن وفي يوليو 1990، ألغت محكمة الاستئناف إدانته بدعوى احتمال تأثر الأدلة بشهادته المحصّنة أمام الكونجرس، وعلى الرغم أن الفضيحة لم تُسقط ريجان سياسيًا، فإنها أحدثت شرخًا عميقًا في صورة البيت الأبيض وكشفت حجم التجاوزات المخابراتية والسياسية التي جرت خلف الكواليس في واحدة من أكثر اللحظات دموية وتعقيدًا في الحرب الباردة.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة


الرجوع الى أعلى الصفحة