دراسة: إطالة مدة الرضاعة الطبيعية يعزز نخاع العظم والعضلات لدى النساء

السبت، 22 نوفمبر 2025 02:00 م
دراسة: إطالة مدة الرضاعة الطبيعية يعزز نخاع العظم والعضلات لدى النساء الرضاعة الطبيعية

كتبت مروة محمود الياس

تظهر الأبحاث الحديثة أن الرضاعة الطبيعية لا تقتصر فوائدها على الطفل فحسب، بل تمتد لتشمل الأم نفسها على نحو عميق وطويل الأمد، خاصة عندما تستمر لفترة تتجاوز ثمانية أشهر. فإطالة فترة الإرضاع تُسهم في تحسين تكوين نخاع العظام والأنسجة العضلية لدى النساء قبل بلوغ مرحلة انقطاع الطمث، مما يعزز من اللياقة الهيكلية والقدرة الأيضية للجسم في المدى البعيد.

وفقًا لتقرير نشره موقع Medscape، خلصت دراسة أوروبية حديثة إلى أن النساء اللواتي أرضعن أطفالهن لفترات أطول أظهرن علامات أفضل على صحة العظام والعضلات مقارنة بمن كانت فترة الرضاعة لديهن أقصر. الدراسة أوضحت أن انخفاض نسبة الدهون في نخاع العظم والأنسجة العضلية حول العمود الفقري كان أوضح لدى الأمهات اللواتي استمررن في الإرضاع الطبيعي لمدة تزيد على ثمانية أشهر.

دراسة تكشف الرابط بين الرضاعة والبنية العضلية

أُجريت الدراسة على مجموعة صغيرة من النساء في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث، تراوحت أعمارهن بين أواخر العشرينات وأواسط الأربعينات، تم تتبعهن على مدى خمس سنوات بعد الولادة. استخدم الباحثون تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي لرصد التغيرات في تركيبة نخاع العظم وكثافة الدهون في العضلات المحيطة بالفقرات القطنية، إلى جانب قياس مؤشرات التمثيل الغذائي مثل مقاومة الأنسولين وحساسيته.

وقد تبين أن النساء اللواتي استمررن في الرضاعة الطبيعية لأكثر من ثمانية أشهر كنّ أقل عرضة لتراكم الدهون في العظام والعضلات، كما أظهرن تحسنًا واضحًا في حساسية الأنسولين وانخفاضًا في مقاومته، وهو ما يشير إلى تحسن في كفاءة الجسم الأيضية بشكل عام.

تأثير ممتد يتجاوز التغذية

يرى العلماء أن هذه الفوائد تعود جزئيًا إلى التغيرات الهرمونية التي ترافق عملية الإرضاع، إذ يؤدي إفراز هرمون الأوكسيتوسين إلى تعزيز الدورة الدموية وتوازن الطاقة داخل الخلايا العظمية، بينما يساهم البرولاكتين في تحسين امتصاص الكالسيوم وتنشيط الخلايا المسؤولة عن تكوين العظم الجديد. كما أن الرضاعة الطويلة تُحفّز استهلاك الطاقة المخزنة، مما يقلل من الدهون المتسللة داخل العضلات ويُحافظ على كتلتها الفعالة.

تحسينات على المدى الطويل

الدراسة لاحظت أيضًا زيادة في المساحة العضلية حول العمود الفقري لدى الأمهات اللاتي أرضعن لفترات طويلة، وهو ما يشير إلى دور الرضاعة في الحفاظ على قوة الظهر وثباته. هذا التأثير يكتسب أهمية خاصة في السنوات اللاحقة، حيث تبدأ كثافة العظام بالانخفاض تدريجيًا عند النساء في منتصف العمر.

كما أظهرت النتائج أن التغيرات الإيجابية في نخاع العظام استمرت حتى بعد مرور خمس سنوات على الولادة، ما يعني أن الرضاعة الطبيعية قد تترك "بصمة فسيولوجية" طويلة المدى تُسهم في حماية المرأة من ضعف العظام المرتبط بالعمر.

أبعاد أيضية وصحية أوسع

بالإضافة إلى تحسين جودة العظام والعضلات، أظهرت الدراسة أن الرضاعة الطويلة ترفع من كفاءة الجسم في التعامل مع الجلوكوز وتقلل من احتمالية الإصابة بمتلازمة الأيض، التي تشمل السمنة وارتفاع ضغط الدم ومقاومة الأنسولين. وقد فسّر الباحثون هذه النتائج بأن الجسم خلال فترة الإرضاع يعتمد على مخزون الدهون كمصدر للطاقة، مما يُحدث توازنًا استقلابيًا مستمرًا حتى بعد التوقف عن الرضاعة.

دعوة لتوسيع الأبحاث

ورغم أن الدراسة جاءت بعينة محدودة العدد، فإنها تُعدّ مؤشرًا مهمًا على الترابط الوثيق بين المدة التي تستمر فيها الرضاعة الطبيعية وصحة الهيكل العظمي والعضلي للأم. ويؤكد الباحثون أن الحاجة ما زالت قائمة لإجراء دراسات أوسع تشمل عينات أكبر وعوامل إضافية مثل النظام الغذائي ونمط النشاط البدني لتوضيح آليات هذا التأثير بدقة.

وتقود هذه النتائج إلى إعادة النظر فى سياسات دعم الأمهات العاملات، وتوفير بيئة تُمكّن النساء من الاستمرار في الرضاعة الطبيعية لأطول فترة ممكنة، ليس فقط لصحة أطفالهن بل لصالح أجسادهن أيضًا.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب