ابقى البنك المركزي المصري في اجتماعه الخميس 20 نوفمبر 2025 على أسعار الفائدة الأساسية دون تغيير، ليظل سعر عائد الإيداع لليلة واحدة عند 21%، والإقراض عند 22%، وسعر العملية الرئيسية عند 21.5%، مع تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 21.5%.
جاء قرار التثبيت بعد تقييم دقيق للمشهد الاقتصادي محليا ودوليا، ومع الأخذ في الاعتبار اتجاهات التضخم ومخاطر السياسات النقدية عالميا.
أولا: قراءة في خلفيات القرار وتقييم التضخم
أشارت لجنة السياسة النقدية إلى أن قرار التثبيت يعكس مراجعة شاملة لاحدث بيانات التضخم وتوقعاته خلال الفترة الماضية. فرغم استمرار تراجع التضخم من مستوياته المرتفعة سابقا، الا ان مؤشرات شهر اكتوبر 2025 اظهرت ارتفاعا يفوق التوقعات، وهو ما استدعى الحفاظ على اوضاع نقدية قادرة على احتواء الضغوط السعرية.
سجل التضخم العام 12.5% في اكتوبر مقابل 11.7% في سبتمبر، كما ارتفع التضخم الاساسي الى 12.1% مقارنة بـ 11.3% في الشهر السابق.
ورأت اللجنة ان الارتفاع الشهري جاء بعيدا عن الانماط الموسمية المعتادة، نتيجة زيادة اسعار السلع غير الغذائية والخدمات، وهو ما قلل من اثر تباطؤ اسعار الغذاء.
ثانيا: الاقتصاد العالمي… تعاف حذر وضغوط جيوسياسية قائمة
على المستوى الدولي، ما زال الاقتصاد العالمي يميل الى التعافي التدريجي، ولكن وسط حالة من عدم اليقين بسبب التوترات الجيوسياسية والسياسات التجارية.
ورغم استقرار اسعار النفط وتقلباتها المحدودة، الا ان المخاطر المتعلقة بسلاسل التوريد العالمية ما زالت قائمة وتشكل عامل ضغط على التضخم.
كما واصلت البنوك المركزية حول العالم اتباع سياسات نقدية حذرة، وهو ما يتسق مع نهج البنك المركزي المصري في الحفاظ على توازن السياسة النقدية خلال الفترة الحالية.
ثالثا: مؤشرات الاقتصاد المحلي.. نمو يتحسن
تقديرات البنك المركزي تشير إلى تحسن معدل النمو الحقيقي للناتج المحلي الاجمالي، ليسجل 5.2% في الربع الثالث من 2025، مقابل 5.0% في الربع الثاني.
وجاء التحسن مدفوعا بنشاط قوي في قطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية، والتجارة، والسياحة.
كما توقع البنك أن يقترب الناتج المحلي من طاقته القصوى قبل نهاية السنة المالية 2025/2026. في المقابل، ارتفع معدل البطالة بشكل طفيف من 6.1% الى 6.4%، وهو ارتفاع اعتبرته اللجنة طبيعيا في ظل التغيرات المستمرة في سوق العمل.
رابعا: توقعات التضخم.. ضغوط قصيرة قبل مسار هبوطي
ترى لجنة السياسة النقدية ان التضخم قد يشهد ارتفاعا محدودا خلال نهاية الربع الرابع من 2025 بسبب اثر زيادة اسعار الطاقة، قبل ان يعاود الانخفاض تدريجيا خلال النصف الثاني من 2026 متجها نحو مستهدف البنك المركزي البالغ 7% ±2% بنهاية 2026.
وتظل توقعات التضخم معرضة لمخاطر صعودية، منها:
استمرار التوترات الجيوسياسية
ثبات تضخم الخدمات عند مستويات مرتفعة
اثار غير متوقعة لاجراءات ضبط المالية العامة
وهو ما يتطلب متابعة دقيقة لمؤشرات الاسعار والطلب المحلي خلال الفترة المقبلة.
خامسا: لماذا التثبيت الآن؟
جاء قرار التثبيت لعدة أسباب، أهمها:
احتواء الضغوط التضخمية
ترسيخ توقعات التضخم عند مستويات منضبطة
الحفاظ على بيئة نقدية مستقرة قبل بدء اي دورة تيسير محتملة
واكدت اللجنة انها ستحدد اتجاه اسعار الفائدة «اجتماعا بعد اجتماع» وفقا للبيانات الجديدة والمخاطر الاقتصادية، وانها لن تتردد في استخدام كل الادوات المتاحة لضمان استقرار الاسعار.
خلاصة المشهد
يعكس قرار البنك المركزي بتثبيت اسعار الفائدة رؤية متوازنة بين دعم الاستقرار النقدي وحماية الاقتصاد من موجات تضخم جديدة.
وفي ظل استمرار التعافي الاقتصادي محليا، والتحديات العالمية المستمرة، ترى اللجنة ان الابقاء على السياسة الحالية هو الاختيار الانسب لضمان مسار امن نحو الهدف الاستراتيجي: وصول التضخم الى معدل 7% ±2% بحلول الربع الرابع من 2026.