على بُعد مئات الأمتار من أهرامات الجيزة، عجيبة الدنيا الأولى والدائمة، يقف المتحف المصري الكبير شامخًا كامتدادٍ طبيعي لتاريخٍ لا يعرف الانقطاع. هناك، حيث تتجاور الحجارة القديمة مع العمارة الحديثة، يلتقي الماضي بالحاضر في مشهدٍ يختصر آلاف السنين من الحضارة الإنسانية التي صاغها المصريون على ضفاف النيل.
دشّن المصريون هذا الصرح العالمي ليكون بيتًا للأبدية، يحتضن إرث الأجداد ويقدّمه للأحفاد في أبهى صورة، وكأنهم أرادوا أن يقولوا للعالم إن الحضارة المصرية لا تزال تنبض بالحياة، وإن الأبناء اليوم يواصلون ما بدأه الأجداد قبل سبعة آلاف عام، لا ليحكوا قصة الماضي فقط، بل ليبنوا جسورًا بين التاريخ والمستقبل.
المتحف المصري الكبير في رحاب الأهرامات
المتحف الكبير يستعيد مجد الأجداد في بيتٍ من الحاضر
في أروقة المتحف المصري الكبير، يسير الزائر بين آلاف القطع الأثرية التي تحكي قصص الملوك والفراعنة والكهنة والجنود والعامة، بين أقنعةٍ وتماثيلَ وأسرارٍ محفوظة في حجر وصمت خالد، يقف الناس من مصر ومن مختلف دول العالم تحت سقفٍ واحد، في ظلّ الحضارة المصرية القديمة، لكن داخل البيت الجديد الذي شيده الأبناء بعبقرية هندسية حديثة لتستظل به ذاكرة الأجداد.
ذلك المتحف ليس مجرد مبنى ضخم، بل رسالة حضارية تؤكد أن مصر، برغم تغير العصور، لا تزال قادرة على أن تدهش العالم كما أدهشته يوم ارتفعت أهراماتها في قلب الصحراء، شاهدة على عبقرية الإنسان المصري منذ فجر التاريخ وحتى اليوم.