الملح يفاقم التهاب الجلد التأتبي.. طرق السيطرة والعلاج

الإثنين، 10 نوفمبر 2025 06:00 ص
الملح يفاقم التهاب الجلد التأتبي.. طرق السيطرة والعلاج الملح

كتبت مروة محمود الياس

بينما يُنظر إلى الملح منذ قرون بوصفه أحد أساسيات المطبخ، بدأت الأبحاث الحديثة تُظهر وجهًا آخر أكثر خطورة له، لا يقتصر على ضغط الدم أو القلب، بل يمتد إلى الجلد ذاته. إذ توصلت دراسات حديثة إلى أن الإفراط في تناول الصوديوم قد يكون له دور مباشر في زيادة خطر الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي، أو ما يُعرف بالأكزيما.

وفقًا لتقرير نشره موقع Everyday Health، فإن تناول كميات زائدة من الملح يرتبط بارتفاع احتمالية ظهور أعراض التهاب الجلد التأتبي بنسبة قد تصل إلى 20%، وهي نسبة لافتة دفعت الأطباء إلى إعادة النظر في دور النظام الغذائي في هذا المرض الجلدي المزمن.

 

العلاقة بين الملح والأكزيما

يشير الباحثون إلى أن تناول الصوديوم الزائد يؤدي إلى اضطراب في توازن السوائل داخل خلايا الجلد، ما يضعف الحاجز الواقي الطبيعي للبشرة ويجعلها أكثر عرضة للالتهاب والجفاف. وتبيّن من تحليل بيانات آلاف المشاركين أن كل غرام إضافي من الصوديوم في النظام الغذائي اليومي يمكن أن يزيد من احتمال الإصابة بالتهاب الجلد التأتبي بنحو 11%، بل وقد يضاعف شدة الأعراض لدى من يعانون منه بالفعل.

ويُعتقد أن السبب في ذلك يعود إلى تراكم كميات أعلى من الصوديوم داخل أنسجة الجلد الملتهبة، مما يعزز من استجابة الجهاز المناعي ويفاقم الالتهاب. هذه الظاهرة لاحظها علماء الجلد في تحاليل أجريت على عينات من الجلد المصاب، حيث وُجد أن تركيز الملح فيها يزيد عشرات المرات مقارنة بالجلد السليم.

 

ما وراء النظام الغذائي

لا تقتصر المشكلة على الملح المستخدم في الطهي فقط؛ فالأطعمة الجاهزة والمصنعة تمثل المصدر الأكبر للصوديوم. وتشمل القائمة الوجبات السريعة، والمخبوزات التجارية، والمعلبات، والوجبات المجمدة. إذ تحتوي الشطيرة الواحدة أو قطعة البرجر على ما يقارب غرامًا إضافيًا من الصوديوم، وهي كمية تكفي لزيادة خطر الإصابة بالأكزيما بنسبة تتجاوز 20% بحسب التقديرات الحديثة.

هذه النتائج جاءت بالتوازي مع بيانات أوسع أظهرت ارتفاع معدلات التهاب الجلد التأتبي في الدول الصناعية، ما يشير إلى ارتباط واضح بين أنماط الحياة الحديثة وتزايد انتشار المرض.

 

من المطبخ إلى العيادة

يرى أطباء الجلد أن السيطرة على النظام الغذائي تمثل جزءًا من خطة علاج الأكزيما لا يقل أهمية عن العلاجات الموضعية أو الأدوية المثبطة للمناعة. فخفض تناول الملح يمكن أن يساعد في تهدئة تهيج الجلد وتقليل نوبات الالتهاب المتكررة.

كما ينصح المتخصصون بالتركيز على تناول الأطعمة الطازجة، والاعتماد على الأعشاب الطبيعية في تتبيل الطعام بدلًا من الملح، مع مراقبة الملصقات الغذائية لتجنّب المنتجات التي تحتوي على نسب مرتفعة من الصوديوم.

 

ورغم قوة البيانات الإحصائية، إلا أن الباحثين يشيرون إلى أن العلاقة بين الصوديوم والأكزيما ما زالت في طور الفهم. فبينما يبدو أن الصوديوم يُسهم في تفاقم الأعراض، لم تُحسم بعد الآلية الدقيقة التي تربط بينهما. بعض الفرضيات ترجّح أن الصوديوم يغيّر بيئة الجلد الدقيقة، مما يزيد نشاط الخلايا الالتهابية، بينما يرى آخرون أنه قد يكون نتيجة لخلل في الحاجز الجلدي وليس سببًا مباشرًا له.

لكن المؤكد أن التقليل من الملح يحمل فوائد صحية عامة تمتد إلى ضغط الدم وصحة القلب والكلى، وبالتالي فإن تبني نظام غذائي معتدل الصوديوم يُعد خطوة آمنة ومفيدة على كل المستويات.


يشدد الأطباء على أهمية متابعة المرضى مع اختصاصيي الجلدية والتغذية لوضع خطط متكاملة للعلاج والوقاية. فالتهاب الجلد التأتبي ليس مجرد حالة جلدية سطحية، بل هو اضطراب مناعي معقّد تتداخل فيه العوامل البيئية مع الوراثة وسلوكيات الحياة اليومية. وتقليل الصوديوم قد يكون أحد المفاتيح البسيطة لكنه فعّال لتخفيف المعاناة وتحسين جودة حياة المصابين.

 

 




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب