حسين حمودة

"الآثار الجانبية" لاستخدام الذكاء الاصطناعي

الأربعاء، 08 أكتوبر 2025 03:33 م


ابتداء..لا بد من تأكيد ما حققه وما يحققه الذكاء الاصطناعي من إنجازات، وما يستطيع تحقيقه، خلال الزمن القادم، في مجالات عديدة جدا.. في الطب، وفي التعليم والتعلم، وفي البحث العلمي المتنوع، وفي الزراعة، وفي العمارة.. وغيرها.. وتقريبا في كل مجالات الحياة على هذه الأرض.

وعلى ذلك، فالذكاء الاصطناعي مفتوح على إمكانات غير محدودة، أو ممكنات لا نهائية، في تقديم العون للبشر، وفي القيام بمنجزات كبرى تختصر وتتجاوز الوقت والجهد والطاقة، وتفتح للحياة فوق هذه الأرض مجالات لا حدود لها تقريبا ... وعلى ذلك أيضا، فطرح السؤال السابق لا يقلل من شأن ولا من أهمية الذكاء الاصطناعي الذي سوف يقود الحياة على هذه الأرض إلى آفاق رحبة، تفوق كل التصورات..

وبعد هذا التأكيد، يمكن الإشارة إلى خبرين عن حادثين مؤسفين قد حدثا مؤخرا.. وإلى مخاوف من ظواهر خطيرة، محتملة الحدوث في بعض السيناريوهات المتشائمة، مرتبطة بمستقبل الذكاء الاصطناعي..


أول الحدثين هو انتحار صبي اميريكي عمره ستة عشر عاما، قبل حوالي شهرين، بالولايات المتحدة الأمريكية. وفيما نشر حول هذا الحادث:

"واجهت شركة  Open AI "أوبن إيه آي" للذكاء الاصطناعي، دعوى قضائية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، حيث يتهمها زوجان بالتسبب في وفاة ابنهما المراهق، مؤكدين أن برنامج ChatGPT "تشات جي بي تي" التابع للشركة شجعه على الانتحار".. وقد تضمنت الدعوى اتهاما للشركة بالقتل الخطأ.

"أرفقت العائلة بسجل الدعوى سجلات دردشة بين ابنهم والبرنامج، والتي يُظهر فيها الابن أفكاراً انتحارية"، وتدّعي العائلة أن البرنامج قد أيّد "أفكاره الأكثر ضرراً وتدميراً لنفسه".

**
وثاني الحدثين، في الولايات المتحدة أيضا، وفي الفترة نفسها كذلك، حول رجل يقتل والدته وينتحر بسبب البرنامج ذاته ChatGPT.

..لجأ هذا الرجل إلى برنامج ChatGPT، وكان متعلقا به كصديق مقرب (وهذه ظاهرة متزايدة مع مثل هذه البرامج)، وكان يطلق عليه اسم "بوبي".. وقد دعم البرنامج وساوسه وشكوكه تجاه والدته العجوز، وفاقم وزاد من توتر علاقته معها، حتى انتهى به الأمر إلى قتلها، ثم قيامه بالانتحار.

**
هذان حادثان يمثلان طبعا حالتين فرديتين تماما، قائمتين على "التعلق العاطفي" في مجال بعيد عن العواطف..ولكن هناك ظواهر أخرى يمكن أن تتصل بتنامي الذكاء الاصطناعي، أو بإساءة استخدامه في الحاضر أو في المستقبل...
فهناك أشكال من التهديدات المتخيلة مع تطور الذكاء الاصطناعي، وهي تهديدات اجتماعية واقتصادية وأمنية،  فضلا عن تهديد كبير يشار إلى أنه يمثل نوعا من "الخطر الوجودي"، وهذا الخطر الأخير مرتبط بفرضية ترى أن التقدم الكبير في الذكاء الاصطناعي العام (AGI) يمكن أن يؤدي إلى انقراض الإنسان أو يقود كارثة عالمية عظمى لا رجعة فيها... وفي هذا السياق توقفت دراسات متشائمة عند كارثة ممكنة يمكن أن تترتب على وصول الذكاء الاصطناعي إلى مستوى يستطيع فيه القيام بنوع من "التطوير الذاتي"، الذي يعني قدرته على تطوير نفسه بنفسه، بعيدا عن تحكم البشر، وبالتالي يمكن أن يصل إلى مستوى يصعب معه سيطرة البشر عليه.

**
بعد الإشارة إلى هذين الخبرين، وإلى هذه الظواهر التي يمكن العمل على تجنبها.. لا يجب الذهاب بعيدا في وجهة التشاؤم..

طرح السؤال، والإشارة إلى هذه الظواهر.. مجرد تنبيه إلى ما يجب تجنبه، في التعامل مع الذكاء الاصطناعي الذي أصبح جزءا أساسيا من معطيات الحياة في بعض الدول.. وسوف يصبح قريبا جزءا من معطيات الحياة في دول أخرى كثيرة.. (وقد سعدت بأخبار عن تدريسه بمراحل التعليم المختلفة في عدد من المدارس والجامعات العربية)..

**

لا غنى أبدا عن التعامل مع الذكاء الاصطناعي.. ولا عن السير في مسيرته المنطلقة التي لن تتوقف، ولا عن ضرورة المشاركة الفعالة في هذه المسيرة.. فقط من المفيد التفكير في كيفية تجنب بعض "الآثار الجانبية" لاستخدام الذكاء الاصطناعي، أو التحسب لبعض الأخطار التي يمكن أن تترتب على إساءة هذا الاستخدام.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب