يظل السادس من أكتوبر يومًا استثنائيًا في تاريخ مصر الحديث، يومًا يحمل في طياته مفارقة قدرية عجيبة، جمع بين قمة النصر وألم الفقد. ففي مثل هذا اليوم عام 1973، قاد الرئيس الراحل محمد أنور السادات جيش مصر لعبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف، محققًا معجزة عسكرية بكل المقاييس أعادت للعرب الثقة والكرامة، وكتبت لمصر صفحة جديدة من العزة والانتصار.
وقد تمكن الجيش المصري في السادس من أكتوبر 1973 من تحقيق مفاجأة تكتيكية كبرى بهجومه على التحصينات الإسرائيلية التي كانت تبدو عصيّة على الاختراق على طول الضفة الشرقية لقناة السويس. وبرغم أن إسرائيل نجحت لاحقًا في صدّ التقدم المصري نحو عمق سيناء، إلا أنها تكبدت خسائر فادحة على المستويين العسكري والمعنوي.
خرج الرئيس أنور السادات من هذه الحرب بمكانة استثنائية؛ إذ أصبح أول زعيم عربي يستعيد فعليًا جزءًا من الأراضي التي احتلتها إسرائيل، كما ارتفعت مكانته على الساحة الدولية ليُنظر إليه باعتباره بطلاً قومياً وقائداً محنكًا أعاد للأمة العربية كرامتها وثقتها بنفسها. ولم يكن نصر أكتوبر مجرد إنجاز عسكري فحسب، بل شكّل أيضًا مقدمة لتحولات سياسية ودبلوماسية كبرى غيّرت وجه المنطقة.
وبعد ثماني سنوات، وفي ذكرى الاحتفال بنصر أكتوبر، شاءت الأقدار أن يسقط السادات شهيدًا في اليوم نفسه عام 1981، برصاصات غادرة أطلقها متطرفون أثناء العرض العسكري بمدينة نصر، في واحدة من أكثر اللحظات مأساوية في تاريخ مصر المعاصر.
هكذا صار يوم السادس من أكتوبر يومًا مزدوج المعنى في الذاكرة الوطنية: يوم النصر العظيم الذي غير وجه المنطقة، ويوم الاستشهاد الذي ودعت فيه مصر قائد الحرب والسلام. تحية تقدير وعرفان إلى روح البطل الشهيد أنور السادات، الذي ظل حاضرًا في وجدان المصريين بإنجازه العسكري الفريد ورحلته السياسية المعقدة.