في مثل هذا اليوم من عام 1787، غادر القائد العثماني الكبير والصدر الأعظم حسن باشا الجزايرلي مصر، بعد أن أخفق في مهمته الرئيسية المتمثلة في استئصال دولة المماليك التي كانت تسيطر على مفاصل السلطة في البلاد.
حسن باشا الجزايرلي، الذي تعود أصوله إلى جورجيا في القوقاز، خاض مسيرة استثنائية بدأت منذ أسره في طفولته وبيعه كعبد في رودوستو (تيكيرداغ)، قبل أن يعتقه تاجر تركي ويزوجه ابنته. برز نجمه سريعًا في صفوف الجيش العثماني خلال معركة بلغراد، ثم اتجه إلى البحرية حيث تولى رئاسة ميناء الجزائر، ومنها اكتسب لقبه "الجزايرلي". لاحقًا، عُيّن صدرًا أعظم للدولة العثمانية، واشتهر بكفاءته العسكرية وإصلاحاته في الشام وانتصاراته في حروب أوروبا.
عام 1786 وصل إلى الإسكندرية على رأس حملة عسكرية هدفها وقف العصيان في مصر وإنهاء نفوذ المماليك، ونجح بالفعل في إخماد بعض المؤامرات ضد الحكم العثماني. غير أنه لم يتمكن من القضاء على المماليك بشكل كامل، فعاد إلى إسطنبول في مثل هذا اليوم عام 1787، تاركًا الساحة المصرية لمعادلات جديدة ستنتهي لاحقًا بصعود محمد علي باشا الذي استطاع أن يزيح المماليك وينفرد بالحكم.
رحيل حسن باشا الجزايرلي عن مصر مثّل لحظة فارقة في تاريخ المنطقة، حيث كشف عن تراجع قبضة الدولة العثمانية في ولاياتها البعيدة، ومهد الطريق لمرحلة جديدة من الصراع انتهت ببزوغ أحد أقوى حكام مصر في العصر الحديث.