الكنيسة الأرثوذكسية بمؤتمر الكنائس العالمى: وحدانية الكنيسة تقوم على قداستها

الأحد، 26 أكتوبر 2025 11:33 ص
الكنيسة الأرثوذكسية بمؤتمر الكنائس العالمى: وحدانية الكنيسة تقوم على قداستها الأنبا كيرلس

كتب: محمد الأحمدى

قدّم الأنبا كيرلس الأسقف العام بإيبارشية لوس أنجلوس، اليوم الأحد، ورقة بحثية باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، خلال فعاليات المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي، المنعقد بضيافة الكنيسة القبطية في مركز لوجوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون.

وحملت الورقة عنوان "النهج النيقاوي لوحدة الكنيسة والتمسك بالقداسة والجامعة الرسولية"، حيث تناول نيافته الرؤية اللاهوتية القبطية حول وحدة الكنيسة كما حددها مجمع نيقية المسكوني الأول عام 325م، موضحًا أن هذه الوحدة ليست مجرد اتفاق لاهوتي، بل هي ثمرة ارتباط جوهري بسمات الكنيسة الأساسية: القداسة، والجامعة، والرسولية.

وأكد الأنبا كيرلس أن وحدانية الكنيسة تقوم على قداستها وجامعيتها ورسوليتها، مشيرًا إلى أن ما أعلنه الآباء في مجمع نيقية لم يكن فكرًا جديدًا، بل إيمانًا رسوليًا تسلّموه من الرسل وسلموه بدورهم للكنيسة.

وقال نيافته: "في مجمع نيقية، فُهمت القداسة من منظور وجوديّ وخلاصيّ في آنٍ واحد، فالكنيسة مقدّسة لأنها جسد المسيح، وهي مسكن النعمة الإلهية التي فيها يتقدّس الإنسان ويتجلّى بالمجد."

وأضاف أن القداسة ليست إنجازًا أخلاقيًا بل عطية إلهية، متجذرة في طاعة الكتاب المقدس والصلاة، وتتحقق بالمشاركة في الأسرار المقدسة.

وأشار إلى أن القداسة كانت المعيار الذي ميّز بين الإيمان القويم والهرطقة، موضحًا أن تعاليم آريوس لم تكن فقط خاطئة، بل غير مقدسة أيضًا لأنها انطلقت من فكرٍ ذاتي بعيد عن روح الحق، بينما كان مجمع نيقية مقدسًا لأنه انعقد بإرشاد الروح القدس، إذ لم يتحدث الآباء من أنفسهم، بل مما تسلموه من التقليد الرسولي.

وتطرق نيافته إلى سمة الجامعة (الكاثوليكية)، موضحًا أنها لا تعني فقط الانتشار الجغرافي للكنيسة، بل كمال الإيمان وحياة الأسرار. واستشهد بما قاله القديس ألكسندروس بطريرك الإسكندرية قبل مجمع نيقية، حين خاطب شركاءه في "الكنيسة الجامعة" مؤكّدًا أن العقيدة الرسولية تقوم على الكنيسة الواحدة الوحيدة الجامعة الرسولية التي لا تبيد أبدًا.

وأوضح الأنبا كيرلس أن الجامعة تحفظ ما يفرّقه العالم، وتجمع الإيمان ليكون في آنٍ واحد محليًا وعالميًا، قديمًا ومتجددًا، مضيفًا أن هذه الصفة تعبّر عن وحدة الكنيسة رغم تنوع شعوبها وثقافاتها.

وفى حديثه عن الرسولية، أكد نيافته أن الكنيسة الرسولية تستمد جذورها من الرسل الأطهار وتعليمهم واستمرارية إيمانهم الحي، قائلًا: "إن كانت القداسة تمنح الكنيسة طابعها الإلهي، والجامعة تُظهر كمالها، فإن الرسولية تُثبت جذورها في التاريخ والإيمان والاستمرارية."

ولفت إلى أن لفظ "رسولية" أُضيف رسميًا إلى قانون الإيمان في مجمع القسطنطينية عام 381م، لكن المفهوم ذاته كان حاضرًا بوضوح في كتابات الآباء الأوائل مثل القديس إيريناوس، وترتليانوس، وأكليمندس الإسكندري، والعلامة أوريجانوس.

واستشهد الأنبا كيرلس بقول القديس أثناسيوس الرسولي في كتابه قرارات المجمع النيقاوي: "الآباء لم يكتبوا عن الإيمان قائلين: بدا جيدًا، بل قالوا: هكذا تؤمن الكنيسة الجامعة، ليُظهروا أن ما نادوا به لم يكن جديدًا بل رسوليًا، وما دوّنوه لم يكن اكتشافًا من عندهم، بل كما تعلّموه من الرسل، وقد سُلِّم هذا من أبٍ إلى أبٍ."

واختتم نيافته بالإشارة إلى ما دوّنه القديس أثناسيوس في رسالته إلى القديس سرابيون: "الرب أعطى، والرسل بشّروا، والآباء حفظوا، فعلى هذا التقليد تأسست الكنيسة، ومن يتخلى عنه لا يكون مسيحيًا ولا يستحق الاسم."

مؤكدًا أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تكرّم القديس أثناسيوس بلقب الرسولي لأنه جسّد الأمانة للتقليد الرسولي غير المنقطع، وحافظ على نقاء الإيمان الذي تسلمته الكنيسة منذ العصور الأولى.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب