هيثم الحاج على

قانون لحماية حرب أكتوبر

الخميس، 02 أكتوبر 2025 04:05 م


لم تعد حرب أكتوبر ذلك الحدث الاستثنائي فقط الذي أعاد لهذه الأمة شعورها بالقدرة على الحياة والمقاومة، لكنه في اعتقادي ذلك الحدث الذي تحول ليصبح ركنا أساسيا من ثوابت الأمة المصرية وجزءا من تعبيرها عن هويتها وحقها في الوجود، ولذلك فإنه يجب علينا مع التباعد الزمني المستمر عن تاريخ الحدث أن نحافظ عليه بكل ما أوتينا من قوة للعيش.
إن ما يجب اعتباره أكثر خطورة على الأقل الآن، هي تلك السردية التي تحاول تغيير الحقيقة المتعلقة بنصرنا في حرب أكتوبر، والتي يتم طرحها في كثير من وسائط الاتصال العالمية، ويمكن اعتبارها في سبيلها إلى التسلل إلى عقول أبنائنا ممن يتعلمون بالخارج، وبعض ممن يتلقون تعليما أجنبيا في مصر، وهي تستدعي العمل إعلاميا ليس فقط في داخل الوطن لكن كذلك على مستوى العالم بطرح وتكرار وربما الإلحاح على الحقائق التاريخية، وربما يكون علينا إنتاج أعمال وثائقية ودرامية معتمدة على تفاصيل الانتصارات الحقيقية لكن بمستوى يستطيع المنافسة عالميا، وبخطاب يفهمه العالم الخارجي، كما أنها تستوجب مراقبة ومراجعة المقررات العلمية الأجنبية التي يدرسها أبناؤنا في المدارس الدولية والأجنبية والتدخل لتصحيحها.


الأمر إذن جد خطير وربما يبدو أثره أكثر خطورة مع مرور الزمن وتراخي الإحساس جيلا بعد جيل بأهمية الحدث ودلالته، ومع تعاقب الأجيال سيصبح الخوف أكبر خصوصا مع وجود عدو يتقن اللعب الاستراتيجي وهو الأمر الذي يستوجب يقظة أكبر وقوة أشد في التعبير عن الدفاع عن ذلك الرمز الذي ظهرت بوادر الخطر حياله منذ عامين عند إنتاج إحدى المنصات العالمية لفيلم يوثق لحياة جولدا مائير محتويا على أكاذيب تتضاد مع ما ذكرته هي نفسها في مذكراتها التي دونتها بنفسها واعترفت فيها صراحة بالهزيمة في أكتوبر، فإذا كان الفيلم أكثر انتشارا من الكتاب بل وأكثر جاذبية للجيل الجديد فإن هذا الجيل لو لم يتحصن بمعرفة شاملة عن ذلك الحدث فسوف يصبح بالتأكيد فريسة سهلة لاعتقاد سيصعب تغييره فيما بعد.


غير أن كثيرا من الأمم قد استحدثت لنفسها طرقها الخاصة ومنها سن القوانين التي تدافع عن ثوابتها، تلك القوانين التي تكون في الأصل إشارات ذات دلالة تبقى آثارها مع الزمن لتشير إلى هذا الثابت أو ذاك وتعلن في وضوح أهمية الدفاع عنه، وهو ما يمكن أن نمثل له بالقوانين الأمريكية المتعلقة بحماية ذكرى الهولوكوست أو قوانين معاداة السامية.
فهل تطمح ذكرى حرب أكتوبر إلى تثبيتها عبر قانون يدافع عنها ويجرم النيل من حقائقها باعتبارها نصرا مصريا، وجزءا من التراث المصري الواجب الدفاع عنه ضد الهجمات المستمرة عليه، وهل يكون هذا القانون إشارة تاريخية إلى دفاع هذا الجيل عن ثوابته التاريخية ليعرف العالم كله أننا لن نتخلى عن دماء أبنائنا شهدائنا سواء عن طريق الاستمرار في حكي قصتهم بالطرق المختلفة، أو عن طريق الدفاع عن منجزهم بقانون واضح الدلالة.


هو إذن نداء للسيد رئيس الجمهورية ومجلس الأمن القومي والمجالس النيابية المصرية لدراسة إصدار مثل هذا القانون الذي تبدو الحاجة إليه الآن أشد وضوحا مع إرفاق خطة متكاملة تقوم عليها الوزارات التنفيذية المعنية مثل الإعلام والثقافة والتربية والتعليم والتعليم العالي والشباب والرياضة والإدارات المعنية في وزارة الدفاع، ويكون هدف الخطة وقوامها متمثلين في رسم سياسة عامة ومستدامة للتعامل مع أحداث حرب أكتوبر وحقائقها وترسيخها في ذاكرة الأمة وأبنائها.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة