أطلق الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، برئاسة المهندس محمد أبو سعدة، مبادرة بعنوان "إنتو أصل الحكاية"، وهى مبادرة تهدف إلى تقديم "تفصيلة فى صورة" تعرض أسبوعيًا، حيث يتم نشر صور لمبانٍ تراثية من قلب مصر، مع سرد قصتها واسترجاع لحظة من لحظات الزمن الجميل، ليصبح الحنين وعيًا، ويتحول الوعى إلى التزام، وفى إطار المبادرة، شارك الجهاز القومى للتنسيق الحضارى عبر صفحته الرسمية على موقع "فيس بوك"، صورة عمارة جروبي
عمارة جروبي فى قلب القاهرة الأنيق
في قلب ميدان طلعت حرب (ميدان سيلمان باشا سابقا) ، حيث تتقاطع الذاكرة مع الحجر، تقف عمارة جروبي كأيقونة عمرانية واجتماعية، تحكي قصة مدينة عاشت ترف العصر الذهبي للقاهرة الحديثة.
شُيِّدت العمارة عام 1924م على أرض كانت ملكًا للقنصل البرتغالى في مصر أنطونيو الزغب، ليجعل منها السويسري چاك اشيل جروبي – المالك ومؤسس سلسلة محلات جروبي الشهيرة – تحفته المعمارية الأكبر في القاهرة. افتتح المبنى رسميًا في 12 مارس 1925م ليصبح ملتقى للنخبة والصفوة، ومكانًا تعكس تفاصيله بريق القاهرة الكوزموبوليتانية.
مصمم جروبي
صمّمها المعماري الإيطالي جيوسبي مازا تلميذ انطونيو لاشيك ، بينما أبدع الإيطالي كاستمان في تنفيذ الفسيفساء، وزخرف الفرنسي ليون كاييه الواجهات الداخلية، أما السقف الزجاجي الفاخر لصالة الرقص فقد جاء بتوقيع الفنان الباريسي جورج جانين، تولت شركة المقاولات الإيطالية إيرنيستو دي فارو التنفيذ، فأخرجت مبنى يتنفس الفخامة والذوق الأوروبي الرفيع.
من الناحية طرازها المعماري مزجت العمارة بين عصر النهضة وملامح الباروك، مع لمسات الآرت ديكو التي كانت تكتسح أوروبا في ذلك الزمن. أربع واجهات أنيقة وستة طوابق ارتفعت على مساحة 1445م²، لتضم متجرًا للحلويات، غرفة شاي، مطعم "الروتوندا" ذي السقف الزجاجي، وحديقة غنّاء احتضنت أول سينما في الهواء الطلق بالقاهرة.
لم يكن جروبي مجرد حلواني، بل كان ناديًا اجتماعيًا مختلطًا يفد إليه المصريون والأجانب من مختلف الطبقات؛ حيث تذوقوا الشوكولاتة والمربات الأوروبية، واستمعوا إلى موسيقى الجوقات العالمية، وجلسوا في صالونات الشاي المزدانة بالرخام الإيطالي والنجف الباريسي.
ارتبطت بجروبي شخصيات كثيره فصار فضاءً ثقافيًا ارتبطت به أسماء لامعة من تاريخ مصر الحديث. جلس فيه الملك فاروق مع حاشيته، وترددت عليه صفوة السياسة المصرية مثل سعد زغلول ومصطفى النحاس، وكان ملتقى للأدباء والفنانين الكبار، من بينهم نجيب محفوظ الذي استلهم من أجوائه مشاهد في رواياته، والموسيقار محمد عبد الوهاب الذي كان يتناول قهوته في شرفة المطعم وهو يراقب إيقاع المدينة. حتى المثقفين الأوروبيين المقيمين في القاهرة وجدوا فيه مكانًا يعكس روح مدينتهم الجديدة كما كان شهدا علي التغيرات السياسيه حيث كان ملتقي لقاده الجيش الانجليزي وقت الاستعمار وحظي بالذكر والصور في " متحف الجيش الوطني "وموقعه علي شبكات المعلومات
بهذا المعنى، لم يكن جروبي مجرد مشروع تجاري ناجح، بل تحول إلى رمز للحداثة والاختلاط الثقافي، وإلى مرآة للمجتمع المصري في لحظة تاريخية استثنائية، جمعت بين الشرق والغرب تحت سقف واحد.
لكن المبنى لم يسلم من التحولات التاريخية، إذ التهم الحريق - في عام 1952م - مطعم "الروتوندا" وحديقته ولم يُعاد بناؤهما، غير أن العمارة احتفظت بروحها حتى اليوم، وما زال محل جروبي يمارس نشاطه في قلبها إلي أن اغلق من بضع سنين ليتم ترميمه
بسبب شهرتها، ظهر مقهى طلعت حرب – فرع جروبي – في العديد من الأفلام المصرية.” كما ذكرها موقع (Egyptian Streets)
من بين هذه الأفلام: العتبة الخضراء (1959) (Egyptian Streets) حلاق السيدات (Ladies Hairdresser, 1960) (Egyptian Streets) يوم من عمري (1961) (Egyptian Streets) عمارة يعقوبيان (The Yacoubian Building, 2006) (Egyptian Streets

عمارة جروبي