نقاد: رواية ميتافيرس للسيد شحتة تكشف كيف تسحبنا السوشيال مثل الرمال المتحركة

الأحد، 19 أكتوبر 2025 01:00 م
نقاد: رواية ميتافيرس للسيد شحتة تكشف كيف تسحبنا السوشيال مثل الرمال المتحركة أثناء مناقشة الرواية

كتب محمد فؤاد

أكد كتاب ونقاد أن رواية ميتافيرس 2030 للروائي السيد شحتة تعتبر جرس إنذار قوي يحذر من الكثبان التكنولوجية التي تسحب البشر ببطء حتى توشك أن تبتلعهم تمامًا كما تفعل الرمال الناعمة في منطقة الربع الخالي.

وأضافوا خلال الندوة التي أقامها صالون "حكايا الكتب" بمؤسسة يسطرون الثقافية أمس السبت لمناقشة رواية ميتافيرس أن الكاتب نجح عبر الجمع بين الكتابة البوليسية والرومانسية والبعد الفلسفي في تقديم عمل أدبي متميز.

الكاتبة والناقدة الدكتورة حنان إسماعيل قالت إن رواية ميتافيرس تخترق العالم الافتراضي بمميزاته وعيوبه، واللافت أن المؤلف كتب روايته بطريقة مختلفة فلم يعتمد على شخصية رئيسية ينسج الخيوط حولها، وإنما قام ببناء العمل عبر عدد كبير من الشخصيات التي تجمع بينها مواقف التي يرصد من خلالها العلاقات بين البشر في العالم الواقعي والعالم الافتراضي.

وأضافت أن الرواية تسلط الضوء على المشاكل التي يعاني منها المجتمع بسبب الاستخدام الخاطئ وغير الرشيد للتكنولوجيا، وفي المقدمة منها السوشيال ميديا.

أثناء مناقشة الرواية
أثناء مناقشة الرواية

صبري زمزم: جميع الشخصيات في رواية ميتافيرس تعاني بسبب السوشيال ميديا

الكاتب والناقد الدكتور صبري زمزم، مدير تحرير الأهرام، أكد أن رواية "ميتافيرس" للسيد شحتة تدق نواقيس الخطر وتجمع بين الخيال العلمي متمثلاً في الميتافيرس والواقع الاجتماعي الذي نعيشه الآن بالفعل بسبب انغماس الكثيرين، ليس في مصر وحدها بل في العالم أجمع، في السوشيال ميديا، والتي لا يقف الكاتب عند حدودها وإنما يمد الخط على اتساعه في وقت بات فيه الكثيرون يقضون ساعات طويلة خلف شاشات هواتفهم المحمولة.

وأضاف: رغم أن الرواية كبيرة الحجم فإن القارئ لا يشعر بالملل، حيث استطاع الكاتب أن يشوقنا باستمرار إلى اللحظة التالية من خلال الديناميكية التي تميز البناء، والبراعة التي اعتمد عليها المؤلف في السرد، والتي مزج خلالها بين البوليسية والرومانسية، مستغلاً ما وفره له الواقع الافتراضي وتشابكاته مع الواقع الاجتماعي، حيث تقع أكثر من جريمة قتل يسقط في إحداها الدبلوماسي المصري نشأت أبو عايد، وفي الأخرى رجل أعمال شهير تورط في إقامة علاقات مشبوهة مع المافيا اليابانية.

الكاتب والناقد الدكتور صبري زمزم
الكاتب والناقد الدكتور صبري زمزم

وأشار إلى أن جميع الشخصيات في الرواية تعاني وتعيش في أزمة بسبب تغول وسائل التواصل الاجتماعي والتحديات التي فرضها ظهور الميتافيرس، حتى الدكتور شوكت، الطبيب النفسي الذي يتخصص في علاج حالات إدمان الإنترنت، يجد نفسه في لحظة معينة في ورطة عندما يكتشف أنه لم يتمكن من حماية بناته من المرض الذي خصص أغلب وقته في تشخيصه ووضع خطط لعلاجه، ويُصدم بشدة عندما تبلغه ابنته برغبتها في الزواج بشاب فرنسي ملحد زواجًا مدنيًا بعدما ارتبطت معه بقصة حب، حيث يتبين لنا أنهما تعرفا على بعضهما في الميتافيرس.

وقال الناقد والكاتب الدكتور صبري زمزم إن الرواية متخمة بالأحداث التي تقع في أماكن كثيرة، فنحن نجد أنفسنا أمام شخصيات كثيرة، ورغم هذا الزحام إلا أن الكاتب استطاع أن يمسك بكل الخيوط وأن يجمع بين شخوص الرواية، مشدداً على أن الكاتب يطلق في الرواية صرخة مدوية من المصير الذي يتهدد الإنسان في ظل الهيمنة التكنولوجية على عالمنا.

ولفت إلى أن استخدام المؤلف للحوار والمونولوج الداخلي تم بذكاء، كما كان دافعًا قويًا لتقدم السرد في رواية (ميتافيرس 2030)، لكن يؤخذ على الرواية بعض الأخطاء اللغوية التي تحتاج إلى تصويب في الطبعات التالية من قبل دار النشر، خاصة أننا أمام رواية مختلفة.

جيهان الريدي: رواية ميتافيرس تقدم رؤى فلسفية عبر مرآة يضعها الكاتب لنرى فيها أنفسنا

من جانبها انتقدت الإعلامية والناقدة الدكتورة جيهان الريدي وضع عبارة "رواية رعب" على غلاف رواية ميتافيرس، خاصة أن الرواية اجتماعية ترسم صورة للمستقبل وتقاطعاته مع الواقع، فنحن أمام كتابة إنسانية ولسنا بصدد عمل من أعمال الرعب.

وقالت إن "ميتافيرس" رواية خاطفة بداية من العنوان المثير للدهشة والذي يطرح تساؤلات كثيرة، عن ماهية الميتافيرس وعن الإيحاءات التي تلقي بظلالها على العمل ككل. من خلال هذا العنوان نستشف أن هناك حديثاً عن سيطرة التكنولوجيا الحديثة على حياتنا وتأثير التحول التقني على البشر، نحن أمام عمل يجتمع فيه الإبداع مع العقلية الفكرية التكنولوجية المبتكرة في رواية قدمها السيد شحتة بأسلوب أدبي متميز.

وأشارت إلى أن الرواية تفضح لنا المستور وترصد أشياء كثيرة وسلوكيات عديدة نغض الطرف عنها لنقف أمامها؛ فالتطور التكنولوجي من الخارج يبدو وكأنه يقدم لنا عالماً أجمل وحياة سعيدة، ولكن عندما نتوغل في هذا العالم سنكتشف أنه جاء لنا بالكارثة الكبرى.

وقالت إن رواية (ميتافيرس) تقدم العديد من الأفكار التي أراها مبتكرة وجيدة، تطرحها بشكل بوليسي إلى حد ما، وتناقشها عبر رؤى فلسفية من خلال مرآة يضعها لنا الكاتب أمام أعيننا لنرى أنفسنا بعد مرور عدة سنوات.

وأضافت أن من القضايا التي تناقشها الرواية الاغتراب، وإشكالية تحديد الهوية في عصر العالم الافتراضي، والسعي نحو المعرفة حتى لو أدت إلى الهلاك، وأيضاً انكسار الأحلام على صخرة الواقع، وصراع الروح أمام منتجات العلم الحديث.

وأشارت إلى أن الرواية تضمنت أيضاً فكرة رائعة جداً وهي انكشاف أفكار الشخص أمام غيره، وذلك عندما تقع تلك الثغرة في (ميتافيرس)، وقدمها الكاتب عبر الولوج من العالم الواقعي إلى الافتراضي ثم الرجوع مرة أخرى.

وأكدت أن السيد شحتة أيضًا قدم في رواية ميتافيرس نظرية الانسحاب إلى الواقع الافتراضي دون إرادة منا، لا تظن أنك قوي أو أنه أصبح بإمكانك أن تمسك نفسك عن الانخراط في الواقع الافتراضي، أنت بمجرد أن تضع قدمك على أول درجة سوف يسحبك هذا العالم الافتراضي كما تسحب الرمال الناعمة الإنسان في الربع الخالي حتى تدفنه تمامًا، كذلك تسحب التكنولوجيا الحديثة البشر من عالمهم إلى العالم الافتراضي، بل بالعكس أصبح هناك الآن من يفر من واقعه إلى العالم الافتراضي الذي يحوي الكثير من المساوئ.

السيد شحتة
السيد شحتة

وأكملت أن الرواية ترصد أيضًا ويلات الإنسان الذي يعيش في عالم كله كذب حتى أصبح الزوج عندما يلقي نظرة على حساب زوجته على فيسبوك يحسها مختلفة تمامًا عن الشخصية التي تعيش معه، العمل يناقش أيضًا فكرة التجمل والتزييف الذي أصبحنا جميعًا نعيش فيه بسبب السوشيال ميديا التي تسرق من الإنسان عمره وربما تورده المهالك خاصة عندما ينساق أمام شخصية ما معتقدًا أن لها كل هذا القدر من الجمال والروعة التي يراها على فيسبوك، ثم يأتي اللقاء الحقيقي على أرض الواقع ليتكشف حجم الصدمة، وحينها يصبح المرء على اقتناع بأن هذا العالم الافتراضي عالم كاذب مائة بالمائة.

وقالت: إن فكرة أن ينساق الإنسان وراء رغباته دون أن يكون هناك محك حقيقي من ضمير إنساني أو وازع ديني أو أخلاقي أو عرف أو قانون، هذه فكرة مميتة وكأنها قنبلة موقوتة، مشددة على أنه حين يتاح للإنسان أن يتعامل بكل هذا التحرر، ستكون حينها نهاية البشرية.

وأضافت أنه يؤخذ على العمل أن شخصية ناصر، عامل المقهى التي ظهرت في بداية الرواية، انتهت تمامًا ولم يكن لها أي امتداد، مشيدة في الوقت نفسه باستخدام اللغة الفصحى البسيطة التي تصل إلى الجميع، وأيضًا تنوع أسلوب السرد ما بين السرد الحكائي إلى الحوار والوصول إلى المونولوج الداخلي، وذلك إلى جانب اللغة التأملية خاصة في شخصية الدكتور شوكت ولفتت إلى وجود رؤى فكرية عميقة من بعض الشخصيات وآراء فلسفية يتم تسريبها دون وضعها في إكليشيهات.

وأكدت أن التنقل بين المشاهد  الذي قدمه الكاتب بأسلوب السيناريو وتقنية التقطيع التقطيع جعلني أحس وكأنني أشاهد فيلماً وليس مجرد أنني أقرأ رواية، المتوالية المتسلسلة من المشاهد في الرواية يؤدي كل مشهد فيها إلى الآخر رغم أنها مشاهد منفصلة لشخصيات مختلفة.

وأشارت إلى أنه يؤخذ أيضاً على الكاتب أنه راهن على قدرته على التشويق في تأخير خيوط الالتقاء والربط بين الشخصيات بشكل يجعل القارئ باستمرار في لهفة إلى معرفة العلاقة التي تجمع بينهم.

جانب من مناقشة الرواية
جانب من مناقشة الرواية



أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب