تعد العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة من أكثر العلاقات الدولية تعقيدًا وتحوّلًا عبر التاريخ، إذ شهدت مراحل من التعاون الدبلوماسي والتبادل التجاري، تخللتها فترات من الخصومة والصراع الجيوسياسي الذي شكّل ملامح النظام العالمي الحديث.
تعود بداية العلاقات الرسمية بين البلدين إلى عام 1780، حين أرسل الأمريكيون الدبلوماسي فرانسيس دانا إلى سانت بطرسبرغ في مهمة لتعريف الروس بالقضية الأمريكية عقب حرب الاستقلال، إلا أن موسكو لم تعترف به رسميًا خوفًا من ردّ فعل بريطانيا. ورغم ذلك، كانت تلك البعثة الخطوة الأولى في مسار العلاقة بين القوتين.
وتمر اليوم ذكرى، ارتفاع علم العلم الأمريكي للمرة الأولى في ألاسكا، ويشير ذلك إلى انتقال ملكية تلك المنطقة من الإمبراطورية الروسية إلى الولايات المتحدة.
وبعد أربعة عقود فقط، وتحديدًا في 30 مارس 1867، تم إبرام واحدة من أشهر الصفقات في التاريخ، حين باعت روسيا القيصرية ألاسكا للولايات المتحدة مقابل 7.2 مليون دولار ذهبًا. وبذلك، انتقلت إلى أمريكا أراضٍ تفوق مليونًا ونصف المليون كيلومتر مربع، كانت في الغالب شبه خالية من السكان. ويرى المؤرخون أن انقراض ثعالب البحر وتكاليف حماية الإقليم النائي، إضافة إلى تداعيات حرب القرم (1853–1856)، دفعت روسيا إلى بيع ألاسكا، التي تحولت لاحقًا إلى ولاية أمريكية غنية بالذهب والنفط والموارد الطبيعية.
ومنذ تلك الصفقة، بدأت موازين القوة تميل تدريجيًا نحو الولايات المتحدة، التي توسعت في نفوذها الاقتصادي والعسكري. ومع قيام الاتحاد السوفييتي في القرن العشرين، دخل الطرفان مرحلة جديدة من الندية والصراع الأيديولوجي، تجسدت في سباق التسلح النووي والحرب الباردة، التي قسمت العالم إلى معسكرين متناحرين لعقود.
ورغم توقيع العديد من اتفاقيات الحد من التسلح النووي بين موسكو وواشنطن خلال القرن العشرين، فإن العلاقات بين القطبين ظلت تتأرجح بين التعاون المحدود والتوتر العميق، وصولًا إلى الألفية الجديدة التي شهدت تجدد الصراع في ملفات مثل أوكرانيا، والقطب الشمالي، والطاقة.