ننشر قصيدة جديدة للشاعر نادر عيسى بعنوان "سجِّل.. أنا المصرى"..
سجِّل.. أنا المصري
ولا رقمَ لي..
فأنا اللا نهائيُ..
أضأتُ قبل الشموسِ مشكاتي،
توسدتُ الجبال،
وطفتُ السهولَ أطعمُ الطيرَ،
ومن إزاري صنعتُ خيمةً
للعابرين،
ومن لحمي طهوتُ للجوعى
والتائهين،
رتبتُ الكواكبَ في سمائي،
وموطأُ نعليَّ في الوادي،
وعلى ميعادِ قمحي وقطني
وبصلي وثومي
وعيدي وفيضاني.
لعام فيه يغاث الناس
ويغني الأطفال في الأزقة للقمر
وللعساكر في الخنادق
وللجنيات في طي حكايا النوم
سجِّل.. أنا المصري
أنا يوسفُ لإخوته،
من بئرٍ لسجن،
ومن سجنٍ لقصر،
ومن قصرٍ لعرش،
ومن عرشي.. لحضنِ أبي.
أيا أبتِ.. لم أقصص الرؤيا،
وإذ نستبق طرحوني..
أيا أبتِ.. لم أقصص الرؤيا،
وفي أضغاثِ أحلامٍ أوّلوني،
وتركوني..
سجِّل.. أنا المصري
وإن غضبتَ يا أخي،
فربُّ أمٍ لم تلدنا،
وربُّ قدرٍ قد سأمنا،
وربُّ لسانٍ إن تكلمنا..
أَلِمْنا..
فاعرف أنك أنا،
وأن دمي المسالَ دمُك،
وأنك أنا،
وبدون جلبابي
جميعُنا عرايا،
وبدون فأسي..
فكلُّنا مطايا،
وبدون رايتي..
لا ظلَّ في الأرضِ إلا للغريب،
لا صوتَ في القريةِ إلا للنحيب،
وبدون تاجي..
لا مئذنةٌ ولا صليب،
لا طقوسَ اليوم.. يا أخي،
فنهارُنا خريفيٌّ كئيب،
فقدِ امتهنتُ الطبَّ قبل السيف،
وتبحثُ أنتَ بعد البحر عن طبيب.
سجِّل.. أنا المصري.