حين يُذكر اسم الشيخ مصطفى إسماعيل، فإنك لا تسمع مجرد حروفٍ تتناغم، بل تشعر بأنك أمام سيمفونية من الألحان السماوية، ينسجها قلبٌ يعتصره حبُّ القرآن، وعقلٌ مخلصٌ لتراثٍ عظيم.
هو صوتٌ تجسَّد فيه الإيمان، وتحقَّق فيه الجمال، لتصبح تلاوته أكثر من مجرد قراءة، بل رحلة روحية تأخذك إلى أعماق الذات.
وُلد الشيخ مصطفى إسماعيل في عام 1917 بمحافظة البحيرة، ليحمل في قلبه معجزة صوتية قادرة على استحضار روحانية القرآن الكريم في أبسط وأعمق صوره.
كانت تلاوته تُشعر سامعها بأن كل حرفٍ من القرآن يأتيك محملاً بأثره، وكأنَّ الصوت يتساقط كالندى على النفوس، فتنبت فيها معاني الطمأنينة.
لم يكن الشيخ مصطفى مجرد قارئ للقرآن، بل كان صاحب أسلوب مميز في الأداء، ينقل الكلمات من بُعدٍ لفظي إلى بُعدٍ روحي.
تعمق في فنون التلاوة وأتقنها حتى أصبحت تلاوته تتنفس الحياة في كل كلمة، وكأنَّك تشاهد الكلمات تتحرك أمام عينيك، تتراقص على نغمات صوته، فيتحقق المعنى ويُرسَّخ في القلب. كانت الجمل تتدفق على لسانه كما تنساب الأنهار، فتغمر القلب بالسكينة.
أمَّا عن تلاوته في الإذاعة المصرية، فقد جعلت من صوته علامة فارقة في تاريخ تلاوة القرآن، حيث بات صوته علامة للمصداقية والإحساس العميق، يُضفي على الكلمات روحًا وحيوية تُحيي الألباب.
صوتٌ يتنقل بين مقامات صوتية متعددة، وكأنَّك تتنقل بين عالمين: عالم الحروف المُتراقصة، وعالم المعاني المتدفقَة. وعلى الرغم من الشهرة التي حازها، ظل الشيخ مصطفى إسماعيل متواضعًا، شأنه شأن أيَّة قامة كبيرة ترفع رأسها بقيمتها، لا بأسمائها.
كان نجمًا في السماء لا يهتم باللمعان، بقدر ما كان يعكف على إضاءة القلوب بنور تلاوته.
في عالمٍ تتسارع فيه إيقاعات الحياة، يبقى صوت الشيخ مصطفى إسماعيل منارة، يذكرنا بأنَّ الكلمات ليست مجرد حروفٍ تُنطق، بل هي أرواحٌ تتنزل فينا حين نسمعها من قلبٍ يملأه الإيمان، كما فعل هو.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة