تعانى الشخصية النرجسية من حالة مرضية تجعلها تشعر بأهمية كبيرة لشخصها، والتوقع الدائم بالإطراء والثناء على ما يقوم به من أفعال تراها هى فقط إنجازات كبيرة، دون الاهتمام أو النظر بعين الاعتبار لأى انتقادات تُوجه لها، إلى جانب الميل الدائم إلى استغلال أشخاص بعينهم، من وجهة نظر «النرجسى» تُمكنه من تحقيق أحلامه وطموحاته، كما يتصرف هذا «النرجسى» بعجرفة تجعل من حوله ينفرون منه، ليبدأوا فى العزوف عنه.
ويلاحظ أن هذه الصفات جميعها تتطابق إلى حد كبير مع صفات رئيس الوزراء الإسرائيلى، بنيامين نتنياهو، فهو مُستمر فى سياساته دون تراجع، والتى من شأنها توريط شعبه إضافة إلى حلفائه على حد سواء، ممن باتوا يستشعرون بأن سياساته بدأت فى التعارض مع المصالح الاستراتيجية الخاصة بهم، فعلى سبيل المثال، من المؤكد أن استمرار «نتنياهو» فى انتهاك الإنسانية بقطاع غزة والضفة الغربية، وعدم الانسياق لفكرة التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ومحاولة عرقلته لهذا الأمر، بدأت تؤرق الإدارة الأمريكية، التى هى على مقربة من الانتخابات الرئاسية والمُقررة فى نوفمبر المقبل.
ويُعد عدم التوصل لهذا الاتفاق، واستمرار «نتنياهو» فى نهجه السياسى المُتعنت، عقبة أمام الديمقراطيين إلى حد كبير، لأنه مع استمرار هذه المُعاناة الإنسانية على أرض فلسطين، وأسلوب «نتنياهو» المُسىء لوساطة واشنطن؛ مؤكدًا على الاتهامات المُوجهة للرئيس الأمريكى، جو بايدن، ونائبته المُرشحة الديمقراطية، كامالا هاريس؛ بدعم جرائم الاحتلال فى حق الشعب الفلسطينى.
وعلى مدار الأشهر الماضية، أثبت «نتنياهو» اعتماده على الإعلام بشكل رئيسى فى توجيه رسائله إلى الأطراف التى يُريدها، ما يعكس هروبه من المُواجهة بشكل مباشر، أو على أرض الواقع، فهو على علم تام أن قُدرة الاحتلال العسكرية غير قادرة على هذا النوع من المُواجهة.
وحاول «نتنياهو» الأسبوع الماضى الزجّ باسم مصر خلال تصريحات له، مُتهمًا مصر بتمرير الأسلحة لحركة «حماس» من خلال محور فيلادلفيا، مشددًا على أن بقاء الاحتلال فى المحور يأتى لحماية استراتيجية إسرائيل، وهو ما رفضته مصر بشكل تام، لافتة إلى أن استخدام «نتنياهو» لاسم مصر خلال تصريحاته، ما هو إلا محاولة لتشتيت انتباه الرأى العام الإسرائيلى، وعرقلة جهود الوساطة التى تقوم بها مصر وواشنطن وقطر، مُحملة الحكومة الإسرائيلية عواقب هذه التصريحات، التى من شأنها التصعيد فى المنطقة.
ونشرت تقارير إعلامية إسرائيلية وأمريكية أن واشنطن تُمرر رسائل إلى «نتنياهو» مفادها رفضها التام لاستمرار سياساته على هذا المنوال غير المحسوب العواقب، لافتة إلى أنها لن تستطيع حمايته إلى هذا الحد، فى حالة تسببه فى حرب إقليمية، ويرى البعض أن «نتنياهو» يلجأ إلى مثل هذه التصريحات من حين إلى آخر إما لتشتيت الانتباه عن فشل سياساته، أو لإعاقة جهود الوساطة للوصول لأى اتفاق من شأنه التهدئة، وبقاء الحال عما هو عليه، ولعل الأسلوب ذاته اتبعه «نتنياهو» مع واشنطن فى يونيو الماضى، خلال تصريحات له بشأن حجب شحنات الأسلحة الأمريكية عن إسرائيل، والتى انتقدها البيت الأبيض بشدة، لافتًا إلى أن ما أدلى به «نتنياهو» غير صحيح، وهو ما يعكس سياسة المراوغة التى ينتهجها رئيس الوزراء الإسرائيلى لتحقيق أهدافه دون الصدام المباشر أو المواجهة.
ولعل مقتل المحتجزين الإسرائيليين الـ6، يأتى ليؤكد أن «نتنياهو» لا يرى إلا نفسه وأحلامه، فهو لا يزال مُصرًا على إعاقة الوساطة والتوصل إلى اتفاق للتهدئة، على الرغم من التداعيات السلبية التى تُحيط بذلك، من خسارة فى الأرواح واحتجاجات شعبية وأيضًا انتقادات لبعض من المسؤولين الإسرائيليين، ولذلك نحن أمام شخصية نرجسية بامتياز تُحيط بها أوهامها التى ستصل بها إلى الهاوية مهما طال الوقت.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة