حنان يوسف

الإعلام والتحول الرقمي.. الوصايا العشر

الثلاثاء، 10 سبتمبر 2024 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تفرض التحولات التكنولوجية المتزايدة التي يشهدها العالم كله، وفي وسط منه العالم العربي، طفرة في تأثيرات الحياة والمجالات المختلفة وفي مقدمتها المجال الإعلامي، حيث صار حتميا ضرورة الاقتناع بالتحول من الإعلام التقليدي القديم إلى منصات التحول  الرقمي، وأن هذا التحول يمر بعدة مستويات، وأن الطريق إليه يستلزم عدة وصايا إستراتيجية لإحداث عملية التحول بأمان وانسايبية، بدون مخاطر أو خسائر، ويمكن رصد هذه الوصايا في عشر نصائح رئيسية مستمرة من توصيات دراسة  علمية في الأعلام الرقمي وتتلخص فيما يلي:

أولا : تحول في العقلية حيث يتطلب الانتقال من الإعلام القديم إلى الرقمي تحوّل في العقلية في جميع مجالات الميدان، وقد ظهر ذلك بوضوح مع جائحة كوفيد-19 التي شكلت تهديداً وجودياً لوسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، وأجبرت المنابر الإعلامية على إعادة التفكير في كيفية قيامها بأعمالها، فمن البديهي أن الصحافة – ولا سيما الصحافة الاستقصائية التي تحتاج إلى المزيد من الوقت والموارد – لا يمكن أن تستمر بدون مؤسسات إعلامية مستديمة، على وجه الخصوص بعد الانخفاض الحاد في توزيع المطبوعات ومبيعات الإعلانات والنشاطات الإعلامية، مما جعل من الواضح أن التغيير ضروري إذا أرادت وسائل الإعلام البقاء على قيد الحياة،خاصة بعد أن أثبتت الجائحة.


انها لم تؤد إلى التراجع في عدد القراء، بل على العكس، فخلال الحجر حقق الاستهلاك الإعلامي نموا على الرغم من التراجع في الإنفاق على الإعلانات والتسويق، حيث كسبت شركات الأخبار الكبرى أعداداً قياسية من المشتركين رقمياً في العام الماضي، مما دفع الكثيرين للتحرك بزخم نحو الرقمية وبوتيرة أسرع.


ثانيا: وضع خطط للتحول الرقمي:


ومن أهم الخطط للتحوّل الرقمي “تغييرات في ممارسات العمل، والمنصات الصحفية، ونماذج الأعمال؛ وللطريقة التي تفكر بها شركات الإعلام في الابتكار”، حيث تفككت المنظمات، والناس يتوقعون التغيير. ولن يكون هناك وقت أفضل من هذا للتعامل مع التغييرات العميقة التي يجب أن تحدث”، ويشمل ذلك تغيير ثقافة العمل والمناهج الصحفية المتبعة وتنويع وسائل الربح.


ثالثا: التفكير في الانتقال من منبر إعلامي تقليدي لمنبر إعلامي رقمي، حيث يجب أن تنشغل الجماعة الصحفية والإعلامية على كيفية الانتقال من منبر إعلامي قديم إلى مؤسسة تعتبر رقمية في المقام الأول، لا سيما عندما يكون لهذه المؤسسة نموذج تجاري كامل مبني على نجاحات سابقة وثقافة إعلامية، تم تطويرها عبر سنوات من الممارسة وفريق عمل اعتاد على ممارسة الصحافة وفق العادات القديمة.


رابعا: تغيير النظرة للثقافة الرقمية:

فنظراً للعقلية والثقافة القائمة على الطباعة، كان يُنظر إلى أي شيء رقمي أو أي شيء عبر الإنترنت على أنه أقل جودة؛ أو أقل جدية أو مصداقية مقارنة بالمطبوعات”.


وقد حددت ثلاثة مجالات رئيسية لتحويل غرفة الأخبار: الثقافة، والهيكل، وسير العمل والأنظمة. فإن ثقافة صناعة الأخبار هي ما يجب معالجته أولاً. و أن تتكيّف مع الظروف الحالية لتصبح مزوداً للأخبار يركز على المستهلك ووضع استراتيجية مدتها خمس سنوات للموظفين لإنشاء منفذ إعلامي يكون تفاعلياً وتعاونياً وليكون الجمهور في المحور.

خامسا: تغيير الهيكلية تدريجياً:


وهي: تطوير هيكل غرفة الأخبار بحيث يكون المحتوى الرقمي هو منفذ الاتصال الأول. “كل شيء يقوده الرقمي، سواء أكان مكتب التحرير، أم مكتب الإخراج، أم النشر، أم التوزيع، أم وسائل التواصل الاجتماعي”.


أن السبيل الوحيد لتطبيق هذا التغيير الجذري هو أن تُظهر للمراسلين الفوائد التي توفرها الإستراتيجية القائمة على الأوساط الرقمية أولاً.


ومن المهم أن يتبنى كبار صناع الإعلام تغيير العقلية، كما ينبغي اعتبار البحث والتصميم والبرمجة والتحليلات والتسويق والمبيعات والاتصالات على أنها لا تقل أهمية عن ما يحصل في غرفة الأخبار التقليدية التي تركز على إعداد التقارير أو التحرير.


سادسا: تحويل الجماهير إلى مشتركين:


من المهم جداً في تحويل الجماهير إلى الرقمية هو تحويل القارئ إلى مستخدم، والمستخدم إلى مشترك  ففي حين أن عملية الأخبار التقليدية تبثّ المعلومات بطريقة أحادية الاتجاه، إلا أن الإعلام الرقمي يتطلب أوساطا للتفاعل مع الجمهور ودعوتهم إلى تبادل الآراء.


فلا قيمة لإنتاج محتوى يناسب الجميع بدون تفاعل  فحتى إذا كان الصحفيون متحمسين لجماهير معينة، فإنهم بحاجة إلى السؤال عما إذا كان هذا الجمهور كبيراً بما يكفي، أو ثرياً بما يكفي لدفع أثمان الاشتراك. ثم بعد ذلك، يحتاج المحررون إلى التفكير فيما تطلبه هذه الجماهير منك وكيف يريدونك أن تقدمه.


إن الجمهور اليوم يأتي من مصادر مختلفة. لذا فإن السؤال التالي الذي ينبغي أن نسأله هو: هل تم تصميم الصفحة الرئيسية (صفحة الدخول) لتحقيق الأرباح؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكنك استخدام هذه الزيارات لتصبح ذات صلة بحياة المتلقي لضمان استمرار عودتهم إليك؟


من هنا تعتبر التكنولوجيا أمراً حيوياً في كيف تبني نظاماً تقنياً يمكّن المستخدم من الدفع بسهولة؟ كيف تنظّم عملية الاشتراك؟ كيف ترسل التنبيهات والرسائل الإخبارية؟ وكيف تراقب من يزور موقعك الإلكتروني بكثرة ولكنه لم يشترك بعد؟ كيف يمكننا أن نمنحه عرضاً لحثه على الاشتراك؟”


إنه يتطلب امتلاك القدرات داخل المؤسسة وضمان الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية.
وتتضمن عملية مراقبة عادات الجمهور قياس ردود الفعل واتخاذ قرارات تستند إلى البيانات.


سابعا: تنويع مصادر الدخل:


“لقد تغيرت عادات الاستهلاك الرقمي تماماً، وتظهر أكثر في الاشتراكات والعضويات، لكن التحول الرقمي يعني أيضاً تنويع مصادر الدخل لتتجاوز مجرد الإعلانات والاشتراكات أو المناسبات، فرغم أن هذه هي الثلاثة الأكثر شيوعاً عبر الشركات الإعلامية، إلا أن هناك عالماً آخر من الفرص المحتملة”.


يمكنك أن تبحث ببطء عن طرق للحصول على مشتركين جدد، ويمكنك التفكير في طرق مبتكرة لزيادة زياراتهم ببطء وكسب ولائهم، وذلك في فترة تراجع المطبوعات”.


وهناك العديد من هذه الفرص التجارية، بما في ذلك إنتاج فيديوهات مرخصة، وترجمات، ونشر الكتب، والتجارة الإلكترونية التي يقودها المحتوى والتي لها صلة بالعلامة التجارية الإعلامية.


الأمر الأهم هو علاقتك مع القراء، وطالما أن العلاقة قوية، فلا يهم كيف تجمع الأموال، سواء أكان بالاشتراكات أم التبرعات أم بيع الطوب أم القيام بشيء آخر”.

ثامنا: الاستثمار في المحتوى المتميز :


ربما يكون السؤال الأهم الذي يتم طرحه أثناء عملية التحول الرقمي هو: ما الذي يقنع الناس بأن يدفعوا مقابل محتوى معيّن في حين يمكنهم الحصول عليه مجاناً في مكان آخر؟


لذا فبدلاً من توقع الإيرادات من القراء، تحتاج غرفة الأخبار إلى معرفة القيمة الإضافية التي يمكن أن تقدمها لجمهورها، وهنا يأتي دور مسألة جودة المحتوى ودور غرفة الأخبار في الأعمال التجارية.


وعندما يكون لديك فريق تحقيق قوي يواصل تقديم الأخبار الاستثنائية، فقد تكون هذه طريقة لإقناع جمهورك بأن يدفعوا رسوماً مقابل محتواك الإعلامي لأنه لا يحصل عليه في مكان آخر”.


تاسعا: التعاون بين المؤسسات  الإعلامية:


إن التعاون والتضامن بين المؤسسات هو الذي يحرك السوق حقاً ويخلق إمكانيات قوية للغاية، فالمتضامنون رائعون معاً”.


و“العامل الأهم هو الحفاظ على وضوح الهدف، كُن مَرِناً، وكُن متميزاً، ولكن حافظ على البساطة اليومية، مع أن التوازن بين الأمرين صعب للغاية”.


عاشرا: تفعيل الاندماج بين الرقمي والتقليدي:


من خلال تفعيل برامج الاندماج بين مؤسسات الإعلام التقليدي والرقمي، وتبني صحافة الحلول والصحافة البنائية والتي تعتمد على أن يكون للإعلامي والصحفي في الإعلام الرقمي دور توعوي، وكذلك طرح الأمور السلبية والإيجابية بتوازن، وطرح المشكلات بهدف إيجاد واقتراح حلول لها بشكل تشاركي مع الجمهور وهو الأمر الذي يمكن الاستفادة منه من خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما يتطلب تعزيز برامج ومناهج التربية الاعلامية وتكوين الوعي الناقد الاعلامي والمواطن العربي علي حد سواء .


وحيث إنه صار جليا أن التحول الرقمي هو امر مفروغ، منه فيتعين في ضوء النصائح والوصايا أعلاه،  على الإعلام مواكبة كافة التطورات التكنولوجية والفنية والتقنية التي يتطلبها طريق التحول الرقمي الإجباري الآن، على أن يتم ذلك في إطار السياق الاجتماعي والحضاري المستقر والأصيل، والهوية الراسخة  التي تميز الوطن وتحقق له التماسك والاستقرار والتقدم نحو المستقبل وبناء الجمهورية الجديدة .










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة