شيريهان المنيرى

غزة وإيران فى مواجهة مع الذكاء الاصطناعى

السبت، 10 أغسطس 2024 05:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

طغت التكنولوجيا على كثير من مناحى الحياة خلال السنوات الأخيرة، بما أثر على الحياة اليومية والروتينية لدى الأفراد بشكل عام، فبعد ظهور الإنترنت وعالم البرمجيات وما ترتب عليهما من ثورة هائلة فى الأجهزة، جميعها، والتى باتت تعتمد على الإنترنت والتقنيات الرقمية إلى أبعد حد، إلى جانب التدفق الكبير فى المعلومات والبيانات والقدرة على تخزينها والاطلاع عليها سحابيًا، ظهر الذكاء الاصطناعى، مُثيرًا الكثير من الجدل خلال السنوات الأخيرة الماضية، حيث يخشى البعض من سلبياته وكونها مؤثرًا على المدى البعيد بشكل يفوق الإيجابيات.

وجاءت حرب غزة لتؤكد مخاوف الخبراء العسكريين والمتخصصين فى هذا المجال، فطبقًا للتقارير والمعلومات الرسمية المتداولة فى كثير من الصحف العالمية ولاسيما الإسرائيلية؛ اعتمدت إسرائيل على الذكاء الاصطناعى بشكل كبير فى حربها بالقطاع، مستخدمة عدة أنظمة حديثة، ذُكر منها نظام يُعرف باسم «لافندر» والآخر «أين أبى»، والذى وُصف بأنه الأخطر، نظرًا لاستهدافه الفلسطينيين بشكل مُباشر، حيث ينجح فى تعقُبهم أينما كانوا حتى فى منازلهم، وتحديد توقيت تواجدهم فى مكان بعد انتقالهم له من آخر، كما أنه لديه قُدرة على التمييز بين الأشخاص ودرجتهم العسكرية فى حركة حماس، والتى تُمثل عدوُا رئيسيًا مُستهدفًا لإسرائيل منذ أحداث 7 أكتوبر الماضى. فيما يرى خبراء أن نظام «أين أبى» يُمكنه أن يُخطئ أو أن يخلط بين الأشخاص، فمثلًا يُمكن أن يكون الهدف الذى تم تحديده مُجرد شخص مدنى ولكن ذا صلة بعيدة بحماس، أو له اسم ولقب ومواصفات مُشابهة لشخص آخر؛ فهذا النظام فى النهاية يُعد آلة بالتأكيد لا يُمكنها اتخاذ القرارات الصائبة التى تُراعى الإنسانية والأخلاقيات مثل البشر.


نظام «لافندر» أيضًا يقوم بالمُهمة ذاتها، وقد لعب دورًا محوريًا فى حرب غزة، فبحسب المعلومات المتداولة، تمت هناك بعض العمليات الإسرائيلية اعتمادًا عليه دون إشراف بشرى، حيث تم تنفيذ قتل وإبادة الأهداف اعتمادًا على القوائم والبيانات التى أعدها النظام دون مراجعة بشرية.


وفتح الحديث عن مثل هذه الأنظمة خلال الأشهر الماضية، المجال أمام المتخصصين فى تتبع مدى اعتماد إسرائيل على الذكاء الاصطناعى، الأمر الذى يُعد أكثر يُسر وسهولة بالنسبة لها، فهى معروفة باعتمادها على التكنولوجيا الحديثة بشكل عام بدرجة عالية، وربما هذا ما يُفسر صرفها المليارات على التطوير التكنولوجى وبشكل المُستمر، وتجنبها المُواجهة المُباشرة فى كثير من الأحيان، فقد ثبت التاريخ أنها الطرف الخاسر فى حالة الاشتباك العسكرى المُباشر على أرض الواقع، وأيضًا تم تناول الحديث على برنامج يُسمى «نيمبوس» كان قد انضم إلى آلة إسرائيل التكنولوجية فى عام 2021، ولديه القدرة على تخزين كمية هائلة من المعلومات والبيانات، وكانت شركتا «جوجل» و«أمازون» قد تعرضتا إلى كثير من الانتقادات والاحتجاجات الداخلية بسبب التعاون مع إسرائيل لتنفيذ هذا البرنامج، حيث اتهمه المعترضون بأنه يُساعد على انتهاك الخصوصية، فإسرائيل تستخدمه إلى مراقبة الفلسطينيين إلى حد كبير، فكل ما يخصهم على «سحابة» جوجل وأمازن يُمكن لإسرائيل أن تستخدمه، وإلى جانب تلك البرامج، اشتهرت إسرائيل بمنصة «جوسبل» التى تُساهم بدقة فى اختيار وتحديد أماكن الأهداف التى ترغب إسرائيل فى قصفها، وأيضًا تحديد كمية الذخيرة المناسبة للقضاء على الهدف.


ولا تبقى الأنظمة الدفاعية لدى إسرائيل بعيدة عن الذكاء الاصطناعى، فقد أكد مسؤولون أمريكيون عسكريون سابقون أنها تستخدم الأنظمة الدفاعية التى تعتمد على هذه التقنية المتطورة، وأن ذلك كان سببًا فى التصدى لهجمات إيران التى شنتها على إسرائيل فى إبريل الماضى.
ولعل إيران على علم تام بأنها أمام تحد كبير فى ظل اعتماد إسرائيل على الذكاء الاصطناعى وامتلاكها لعدد من البرامج والآليات، وأيضًا المُعدات العسكرية التى تعتمد على هذه التكنولوجيا الحديثة، وخلال الشهر الماضى، نشرت الوكالة الإيرانية «مهر» خبرًا يُفيد بتقدم إيران فى مجال الروبوتات والذكاء الاصطناعى لتحتل المركز الثانى إقليميًا، فإيران تعلم جيدًا أهمية اتقانها لهذا المجال، خاصة أنها طوال الوقت فى تهديد بشكل مباشر أو غير مباشر مع تل أبيب التى تُعد من أقوى دول العالم فى هذا المجال، وقد كان الرئيس الإيرانى الراحل، إبراهيم رئيسى، قام فى الربع الأول من هذا العام بلقاءات من شأنها تعزيز الاستثمار فى المجال الرقمى والتكنولوجى بإيران ولاسيما تطوير قدرة بلاده على استخدام الذكاء الاصطناعى، فيما أن هناك مخاوف كبيرة من اتقان طهران لمجالات الذكاء الاصطناعى، خوفًا من توظيفها فى برنامجها النووى، وأيضًا لكونها بهذه التقنية يُمكنها أن تُمثل خطورة عسكرية كبيرة أمام إسرائيل والولايات المتحدة فى الشرق الأوسط.


ولا تزال المعركة مستمرة فى ظل تنام سريع للوسائل التكنولوجية، دون أن يكون هناك رقيب عليها أو رادع يُمكنه أن يحد من التأثير السلبى لتوسيع دائرة الاعتماد على الذكاء الاصطناعى، الذى من شأنه أن يكون سببًا فى إبادة كاملة للإنسانية إن لم يتم تقنين الأمر وإخضاعه لقوانين دولية من شأنها السيطرة على التمادى فى هذا الأمر.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة