بورتريه.. قصة قصيرة لـ شيماء بن عمر

الثلاثاء، 04 يونيو 2024 03:00 ص
بورتريه.. قصة قصيرة لـ شيماء بن عمر شيماء بن عمر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت الساعة تشير إلى الثانية والنصف صباحا عندما دخل غرفته متجنبًا إحداث أي جلبة.. لا يريد إيقاظ والدته النائمة في الغرفة المجاورة...

حسنًا، الكل يعلم أنها لم تكن لتخلد إلى النوم وهو بالخارج!!

ارتمى بكل وزنه على السرير وهو يحدق في الفراغ مسترجعا ما دار بينهما ذلك الصباح ..

"مازلتُ مغرمة به حتى النخاع!" قالتها، وقد اختنق صوتها بعَبرة مفاجئة، ملأت مقلتيها في ثوانٍ ...

لم تحسب لذلك حسابًا، وأردفت في صوت متقطع "أنا حقا آسفة"...

"لا داعي للأسف .." قالها، وقد وضع يده بعفوية على كتفها لتهدئتها من دون أن يشعر... كان يعني ما يقول ..

أحس بثقلٍ في رأسه...

كان يلمحها في مشرب الكلية كل صباح ... كانت تجلس دائما وحيدة، في نفس الطاولة... تطلب نفس نوع القهوة ولا تشربها ... تنهض بعد السيجارة الرابعة بالظبط لتختفي وسط الأروقة...

حاول إيجاد أي شىء يخصها على مواقع التواصل الاجتماعي ولكن دون جدوى.. كيف لأحدهم أن يكون غامضا لهذا الحد ... غامضا إلى درجة مخيفة إلى درجة مؤلمة

ما ذلك الشيء الذي يشغل رأسها يا ترى؟.. تبدو وكأن فكرة جامحة لا تتوقف عن النمو وراء تلك العيون العسلية الناعسة، فهي لا تتوقف عن الكتابة في دفتر ٍجلدي مهترئ تحمله معها أينما تذهب... دفتر يحمل أكثر من مجرد كلمات... وكأنه كتابها المقدس لكل ما لا يجب أن يُقال!

"المعذرة" قالها أخيرا بعد أن استجمع كل ما بقي من شجاعته وأشار إلى القداحة التي على الطاولة

ناولته إياها وهي تتمتم بهدوء "طبعا"... تعلم بغريزة الأنثى أنه لا يحتاجها..

"هل نرتاد نفس الفصل؟ تبدين مألوفة"

"لا .. أنا لا أرتاد هذه الكلية" صمتت لبرهة ثم أكملت دون أن ترفع نظرها نحوه.. وكأنها لا تعي وجوده.. وكأنه لا أحد..

"أنا أنتظر أحدهم هنا"

اللعنة! إذا فهي تواعد أحدهم .. ولكن لم يلمحها رفقة أي شخص! هذا غريب.. كما أن....

"أنتظر أحدهم الذي لن يأتي... رحل فجأة دون سابق إنذار... رحل وقد وعد أن يلاقيني في هذا المكان" قالتها وقد قطعت حبل أفكاره وهي تتلعثم بابتسامة مرتبكة..

تقترب منها وهو يحس بمزيج من خيبة الأمل والفضول والغيرة، ويبدو أن الأخير كان قد أخذ مأخذه منه!

كيف لحاضر غائب أن يمتلك كل هذه السلطة على قلب أحدهم؟؟ كيف ؟؟ لم يحسب لهذا حسابا مطلقا؟؟ كيف له أن يتنافس مع رجل ميت على حب امرأة!!

أفاق على صوت القداحة وهي تشعل سيجارتها الرابعة والأخيرة...

تململ في مكانه قبل أن ينهض وهو يتمتم: هذا ليس عدلا!!

استدار نحوها... لم تلحظ حتى ذهابه... وكأنها لا تعي وجوده... وكأنه لا أحد...

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة