داليا مجدي عبد الغني

لا تُركز مع المحجوب

السبت، 29 يونيو 2024 01:39 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

من الذكاء والفطنة أن نتغافل عن كثير من الأِشياء، حتى تسير حياتنا في هدوء، وربما يظن البعض أن هذا نوعا من السلبية، ولكنه ليس كذلك، لأن قمة الحكمة ألا يتدخل الإنسان في حياة الآخرين بدعوى النصيحة والإرشاد، في حين أنه يستمتع بالنقد والتنظير، وألا يُواجه الحاقد بحقده والحاسد بحسده، فالمواجهة لن تُجْدي، ولن تُؤْتي بثمارها، بل على العكس ستخلق حالة من العداوة المُعلنة، دون أن تُغيّر ما في النفوس، ومن الحكمة كذلك ألا نُشْغل بالنا بالقيل والقال، لأن الأحاديث والحوارات والكلمات لن تنتهي، وحتى لو قررنا مُواجهة جميع الأطراف ببعضها البعض، لن نصل إلى كل شيء، فالكل سيُقسم، والجميع سيُجزم، وكلهم سيُكذّبون بعضهم بعضًا، فالأفضل في هذه الحالة هو التجاهل.

فالتركيز مع الناس، نتيجته المُحتومة هي الحيرة والشك والقلق، وكلها أسباب ستُؤدي في النهاية إلى الإصابة بالمرض النفسي، فما الداعي إذن من الاسترسال في أمور نهايتها الهلاك، ولن تجْلب إلا المشاكل بدعوى الإيجابية، والمُواجهة.

ومَنْ يريد أن يعيش في سلام، عليه ألا يعبأ كثيرًا بما يقوله الآخرون، أو يُكنّونه في صدورهم حياله، لأن هذه الأمور يصعب الوصول إلى حقيقتها، بل إنه في كثير من الأحيان ما يستحيل تكهنها، والأحرى بالإنسان أن يستمتع بحياته مُكتفيًا بتصالحه مع نفسه، وبتغافله عن غيره، دون تتبع لسلوكياتهم، أو تحليل لتصرفاتهم، أو تنظير على ما يُبدونه أو يُخفونه بين طيات قلوبهم.

فالتركيز في هذه الأشياء كفيل بأن يُصيب الإنسان بحالة اكتئاب شديدة، بسبب الحيرة التي ستُصيبه، والآلام التي سيتجرعها، والقلق الذي سينتابه، وبدون أدنى فائدة تُذكر.

ومَنْ يَفْطُن للحياة، سيُدرك أن هناك الكثير من التفاصيل التي لا تستحق أن يقف عليها أو يتعمق فيها، خاصة لو كانت مُرتبطة بالغير، الذي لا يُمكن التغلغل بداخله، حتى يُمكن مُحاسبته على نيته وضميره، وهنا يكون من الأفضل التغافل والتجاهل، وعدم الهرولة وراء البحث عن حقيقة لن تظهر مهما بذلنا من مجهود، لأنها في حُكم الشيء المحجوب










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة