عادل السنهورى

بنك "بريكس" فى مصر

الخميس، 13 يونيو 2024 01:59 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى 30 مارس من العام الماضى صدق الرئيس عبد الفتاح السيسى على وثيقة انضمام مصر إلى بنك التنمية الجديد التابع لتجمع البريكس، والذى يعد واحدا من أهم التجمعات الاقتصادية على مستوى العالم، وضم فى عضويته البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا فى البداية، قبل انضمام عدة دول أخرى وهى مصر والسعودية والإمارات وإثيوبيا وبنجلاديش وأوروجواى.

أهمية التجمع أنه يمثل حوالى 30% من حجم الاقتصاد العالمى، و26% من مساحة العالم و43% من سكان العالم، وينتج أكثر من ثلث إنتاج الحبوب فى العالم. والتوقعات أن ينضم إليه دول أخرى خلال المرحلة المقبلة.
الدول الأعضاء قررت إنشاء بنك التنمية الجديد برأسمال 100 مليار دولار لتمويل مشاريع البنية الأساسية والتنمية المستدامة فى الدول الأعضاء، علاوة على اقتصادات السوق الناشئة والدول النامية الأخرى. ووافق بنك التنمية الجديد على قبول مصر كعضو جديد، وتم الإعلان عن ذلك أثناء اجتماعات قمة قادة دول البريكس فى ديسمبر 2021، وأُقرت مصر العضو الرابع الجديد، حيث تم قبول عضويتها ضمن التوسعة الأولـــى لنطاق انتشار البنك عالمياً، وسبقتها، منذ سبتمبر 2021، كل من بنجلاديش، والإمارات العربية المتحدة وأوروجواى.

واتفق الأعضاء المؤسسون على اختيار مدينة شانغهاى الصينية لتكون المقر الرئيسى للبنك، وافتتاح المكتب الإقليمى الأول للبنك فى جوهانسبرج، جنوب أفريقيا. والمكتب الإقليمى الثانى فى عام 2019 فى ساو باولو بالبرازيل، تليها مدينة جيفت بالهند وموسكو فى روسيا.

وعقب انضمام مصر وقع الاختيار عليها لعقد المؤتمر الأول لبنك التنمية الجديد لبريكس فى القاهرة بحضور الدكتور مصطفى مدبولى رئيس الوزراء، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى، والدكتور محمد معيط، وزير المالية، والفريق كامل الوزير، وزير النقل والمواصلات، والدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والفريق محمد عباس حلمى، وزير الطيران المدنى، والدكتور محمد فريد، رئيس هيئة الرقابة المالية، وغيرهم من ممثلى المؤسسات الدولية، وشركاء التنمية، والجهات الوطنية. ويترأس البنك حاليا السيدة ديلما روسيف رئيسة البرازيل السابقة.

وأهمية أن ينعقد المؤتمر الأول لبنك التنمية التابع لبريكس فى القاهرة هو اعتراف دول التجمع بالدور المحورى الذى تلعبه مصر فى المنطقة، باعتبارها مركزا للربط بين قارات العالم، وتقوم بدور متنامى فى سلسلة القيمة والتجارة العالمية. وكان المؤتمر فرصة لاستعراض خطط مصر لتحقيق التنمية ودورها فى تعزيز التنمية العالمية وتعزيز سبل التعاون مع الحكومة والقطاع الخاص، ومناقشة فرص التعاون المستقبلية بين أعضاء تجمع البريكس المؤسسين والجدد، وتعظيم الاستفادة من إمكانيات التعاون المتاحة لدى البنك، ودفع التعاون بين بلدان الجنوب، واستعراض البنك الأدوات والحلول التمويلية المختلفة الذى يقدمه لدعم التنمية.
وكما صرحت رئيس البنك فإن مهمة البنك تركز بشكل أساسى على حشد الموارد للبنية التحتية للدول الأعضاء، وأن دخول مصر ضمن تجمع البريكس بما يتماشى مع استراتيجية البنك يخدم كلا من الطرفين. كما أن موقع مصر المتميز مصر وربطها بين قارتين وموقعها استراتيجى فى حركة التجارة، وتمتعها بكثافة سكانية وعمالة مدربة، يمكنها من لعب دور هام فى النظام العالمى الجديد. وأشادت ديلما ورسيف بجهود الحكومة المصرية فى الاهتمام بالمشروعات الخضراء والتنمية المستدامة، واستراتيجية 2030، وتحويل الاقتصاد المصرى إلى اقتصاد متنوع وشامل، مؤكدة أن البنك يدعم مصر بكل الإمكانيات لتحقيق أهدافها المنشودة.

البنك الجديد يستهدف توفير 35 مليار دولار خلال الفترة من 2022 وحتى 2026 لحلول البنية التحتية والتنمية المستدامة من إجمالى التمويل المُعتمد من الميزانية العمومية للبنك على مدار فترة الأربع سنوات، وتوجيه 40% من إجمالى التمويل إلى المشروعات المساهمة فى الحد من تأثير التغيرات المناخية والتكيف معها، بما فى ذلك مشروعات التحول إلى الطاقة المستدامة. والعمل على تمكين المرأة من خلال زيادة التمويل النسائى إلى 40% من الوظائف المهنية والإدارية بحلول عام 2026.

البنك الجديد هو بنك تنمية عالمى متعدد الأطراف وعضويته مفتوحة أمام كافة الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة. ووفقًا لاتفاقية البنك فإنه: "يجب على البنك دعم المشاريع العامة أو الخاصة من خلال القروض والضمانات والمشاركة فى رأس المال والأدوات المالية الأخرى". علاوة على ذلك، يتعين على بنك التنمية الوطنى التعاون مع المنظمات الدولية والكيانات المالية الأخرى، وتقديم المساعدة الفنية للمشاريع التى سيدعمها البنك.

إحدى مزايا بنك بريكس إمكانية الاعتماد على صندوق استراتيجى لرأس المال الاحتياطى من أجل التعامل مع أزمات العملة المحتملة وأزمات السيولة قصيرة الأجل، وضمان التخصيص الفورى، من قبل البنوك المركزية فى البريكس فى المستقبل، كما يمكن أن يكون البنك أداة مهمة لتشجيع الاستثمارات فى مشاريع التنمية الكبيرة وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الدول الموقعة.

كما لن يكون بنك التنمية محركا للنمو المستدام فى العالم النامى والعالم الناشئ فحسب، بل سيعزز أيضا الإصلاح فى المؤسسات المالية المتعددة الأطراف الموجودة، وهذه التغيرات التى سنستفيد منها جميعا فى العالم المتقدم النمو، والعالم النامى على حد سواء.

وبالفعل وافق البنك طيلة فترة عمله، منذ أن تم إنشاؤه، على أكثر من 90 مشروعاً بإجمالى 32 مليار دولار، لدعم مجالات مثل النقل وإمدادات المياه والطاقة النظيفة والبنية التحتية الرقمية والاجتماعية والبناء المدني.

مصر واحدة من الدول الأعضاء التى تستفيد من عضويتها فى البريكس وانضمامها للبنك الجديد، وكما قال رئيس الوزراء مصطفى مدبولى فإن توجه مصر الاستراتيجى نحو مجموعة دول البريكس وبنك التنمية الجديد التابع لها لا يجب تفسيره بأى حال من الأحوال على أنه معاد لأى جهة أو فى إطار السعى لمواجهة النظام القائم، فمصر اتخذت توجها منفتحا على كافة دول العالم ومؤسساته المالية دون تمييز أو تفضيل، والتوجه الاستراتيجى نحو دول البريكس يهدف للعمل على المديين المتوسط والطويل من أجل إصلاح النظام المالى الحالى الذى تم بناؤه على معطيات لم تعد واقعية.

ومصر تتطلع بمزيد من الأمل للخطط المستقبلية للبنك لتحفيز التعاملات بالعملة المحلية بين الدول الأعضاء فى بريكس. وما يزيد من التوقعات المتفائلة من البنك لتحقيق أهداف وطموحات وآمال الدول النامية والدول الساعية الى التنمية الشاملة مثل مصر أن البنك ليست له أغراضا أو شروطا سياسية ويعمل بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية الأخرى.

جوزيف ستيجليتز الحائز على جائزة نوبل فى الاقتصاد عام 2014 يرى أن بنك التنمية الجديد يمثل تغييرا جوهريًا فى القوة الاقتصادية والسياسية العالمية. "فالمؤسسات القائمة ليس لديها موارد كافية".

رؤية المحللين الاقتصاديين فى الشرق للبنك تؤكد الدور القادم له لإعادة تشكيل الهيكل المالى الدولى الذى يهيمن عليه رأسمالية الغرب من خلال صندوق النقد الدولى والأهم والحيوى والضرورى هنا هو بداية التخلص من هيمنة الدولار، وما يمثله من أعباء سياسية واقتصادية على الدول النامية وهو ما دفع مجموعة دول "بريكس" نحو إنشاء نظام اقتصادى جديد يؤسس لإنشاء بنك التنمية، ويكون أحد أهم البدائل للتخلص من هيمنة الدولار. وهو ما أكدته وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، ناليدى باندور، فى تصريحات صحفية فى الساعات الماضية بأن التخلص من هيمنة عملة الدولار الأمريكية كان أحد الأسباب وراء تأسيس بنك التنمية الجديد بإدارة مجموعة دول الـ"بريكس"، وكان دائمًا يساورنا القلق بشأن هيمنة الدولار والبحث عن بديل وهذا أحد الأسباب من وراء تأسيس بنك التنمية الجديد لدول البريكس".

البريكس والبنك الجديد أجاب عن أسئلة كثيرة وفى سنوات قليلة كانت تدور فى أذهان شعوب الدول النامية التى انضمت إلى البريكس، ومنها مصر بالطبع خاصة السؤال التقليدى: ماذا تستفيد مصر من هذه العضوية؟










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة