أطلقت الدول التعليم الفني بغرض واحد، وهو تخريج أشخاص قادرين على العمل في بعض المهن أو الحرف؛ بما يساهم في ارتقاء تلك الأمم، وتوفير العمال المهرة للعمل في المصانع و مختلف المؤسسات.
ولا شك أن التعليم الفني في مصر بات الآن بحاجة ملحة إلى تطوير وتغيير شامل في المناهج الدراسي، حتى يؤتي أكله ونشهد ثماره، ويساهم في توفير العمال القادرين على العمل داخل مصر وخارج مصر.
وهنا مربط الفرس فالتعليم الفني يمكن أن يؤهل ما لا يقل عن 10ملايين من المصريين القادرين على العمل في الخارج، وبالتالي فإنهم يمكن توفير سنويا ما لا يقل عن 50 مليار دولار، مما يدعم الاقتصاد الوطني، ويقفز بتحويلات المصريين لنحو 100 مليار دولار سنويا.
و السؤال كيف يمكن تحقيق ذلك؟
أولا تحتاج أغلب دول العالم خاصة في أوروبا وأمريكا الشمالية إلى العمال و الفنيين المتخصصين الماهرين في مختلف المجالات، ومنها النجارة والميكانيكا وأعمال الإنشاءات والبناء وأعمال الكهرباء والسباكة والحلاقة والخياطة والغزل والنسيج، تقريبا كل الحرف اليدوية؛ ولكن بشرطين.
الشرط الأول هو إجادة تامة للغة الإنجليزية على الأقل، حيث يفضل أن يكون العامل يمتلك لغة أخرى مثل الإيطالية أو الألمانية أو الفرنسية أو الإسبانية.
الشرط الثانى : إجادة تامة للمهنة، أو الحرفة التي يعملها بدون فزلكة وبدون فهلوة المصريين.
فإذا توفر هذان الشرطان في العامل يكون مؤهلا بشكل أساسي للعمل في الخارج، المانيا علي سبيل المثال كما ذكر لي السفير عبد العزيز المخلافي، الأمين العام للغرف العربية الألمانية، في حوار سبق نشره في اليوم السابع من برلين في 22 يناير الماضي، تحتاج نحو 7 ملايين عامل مؤهل، وبالتالي فإن التعليم الفني في مصر مطالب بتحقيق هذين الشرطين، وتوفير إدارات محترفة ومؤهلة؛ لتعليم الطلاب في المدارس الفنية أمرين لا ثالث لهما، إتقان الحرفة بنسبة 100% وفق المعايير العالمية، و إتقان لغة أو لغتين بنسبة 100% وفقا المعايير العالمية.
وهذا الأمر يمكن تحقيقه فعليا خلال فترة الدراسة في التعليم الفني، سواء نظام الثلاث سنوات، أو نظام الخمس سنوات؛ لكن هذا يتطلب تعديلا فوريا في المناهج ومعلمين يمتلكون تلك الآليات، حتى نوفر للاقتصاد المصري العملة الصعبة وحتى تكون هناك قيمة فعلية للتعليم الفني، فالأمم لا تبنى إلا بيد أبنائها المؤهلين المتعلمين، وبالتالي فإن النظرة إلى التعليم الفني لابد أن تتغير بشكل كبير كما هو في كل دول العالم التي تقدر الفنيين المتخصصين، وتضعهم في المكان اللائق وبمرتبات عالية.
أدعوا وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى لتنفيذ ذلك، وكلي ثقة في أن الحكومة ممثلة في الوزارة والجهات المعنية، قادرة على تنفيذ مشروع جديد يؤهل أبناءنا بحق، للعمل خارج مصر أولا لجلب العملة الصعبة، وليكونوا سفراء لمصر وداعمين لها ضمن قوتها الناعمة ، وثانيا تأهيلهم للعمل أيضا داخل المصانع المصرية والأجنبية، وسيكون مشروع القرن بالفعل ضمن المشروعات العملاقة للرئيس عبد الفتاح السيسى .
ويمكن التنسيق مع العديد من دول العالم لسفر هؤلاء العمال الماهرين، و إنشاء إدارة مختصة أو هيئة مختصة داخل مصر، تتولى عملية السفر، والتنسيق بشكل تام بما ينعكس على نمو الاقتصاد المصري.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة