اليوم حد فاصل بين مرحلة انتهت بكل تحدياتها، وأخرى تحمل كثيرا من الآمال والتحديات الكبرى، فى ظل وضع سياسى «غير مسبوق» على امتداد الحدود: الجنوبية والغربية والشرقية، وكأنه كُتب على مصر وصار جزءا من تاريخها أن تدفع أثمانا مضاعفة.
منذ عام 1952 حتى 2014 تعرضت مصر لعديد من الصدمات الكبرى، من حروب وفساد وزيادة سكانية تتضاعف عاما بعد عام، وتلتهم كثيرا من الدخل القومى، إضافة لموجات الحراك الشعبى وما تبعها من تداعيات فاقمت من صعوبة الأوضاع الداخلية.
تلك الحالة لم ينفها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى كل خطاباته ورسائله إلى الشعب، حيث كان يدرك جيدا حجم التحديات والصعوبات التى يعانى منها المواطنون، لذلك حاولت الدولة على مدار الأعوام الماضية مرارا أن تعالج التراكمات على كل المستويات، وحتى فترة قريبة أنفقت 9.1 تريليون جنيه على المشروعات التنموية، لتغيير شكل المجتمع فى كل القطاعات، سواء الحماية الاجتماعية، أو البنية التحتية والصحة والزراعة والصناعة والعمران.
وطوال الوقت كان الأمل هو ما يجعلنا نواصل ونحاول، لأن مصر لا تستحق منا غير ذلك.. علينا جميعا الآن أن نكون مدركين لحجم الصعوبات والتحديات التى تعيشها مصر، حيث يبدأ الرئيس فترة جديدة محملة بصعوبات جمة تضاف إلى ما سبق، وكأنه لم يكن يكفينا ما يدور على الحدود الغربية وعدم استقرار ليبيا، والصراع المرير الدائر فى الجارة الجنوبية السودان، ليأتى ما يحدث فى غزة وأنحاء فلسطين، ويبقى الجرح الأعمق والغائر إذا نظرنا بنظرة تأملية للمخططات الإسرائيلية الغربية التى لا تنتهى على الحدود الشرقية، إضافة إلى التوترات فى البحر الأحمر وتأثيرها على الملاحة الدولية وقناة السويس.
أى سياسى واقتصادى عاقل لا يستطيع أن ينكر حجم ما تشهده مصر من تحديات كبرى فى تلك المرحلة التاريخية شديدة الارتباك، والفريدة على المستوى العالمى، ولكن ما يقوى موقف مصر فى إدارة كل هذه الملفات المعقدة، هو نجاح الرئيس السيسى خلال السنوات الماضية فى إعادة صياغة العلاقات الدولية والإقليمية، بشكل يساعد على التحرك بقوة وثبات، وهذا بالطبع يعود إلى الوزن الإقليمى الكبير للدولة المصرية، ومهارة القيادة السياسية، والفريق الهائل من ذوى الكفاءة والحنكة فى رسم محددات الأمن القومى المصرى، والدفاع عنها باعتبارها ثوابت لا يمكن التفريط فيها.
يدخل الرئيس السيسى فترة رئاسية جديدة بخطى ثابتة وإيمان لا يلين، فرغم التحديات فى الداخل، ورغم ما تشهده حدود دول الجوار من اضطرابات، فإن الثقة فى سلامة ما تم من إجراءات ـ داخليا وخارجيا ـ تمهد طريقا آمنا لحصد الثمار، وهو ما كان واضحا فى اتفاقية تطوير مدينة رأس الحكمة، وما تبعها من انفراجة على كل مؤشرات الاقتصاد، وما رأيناه ولا نزال واضحا فى تفاصيل حلحلة الأزمة فى غزة عبر زيارات مسؤولى الصف الأول فى الولايات المتحدة وبروكسل، وهو ما يكشف عن بصمة مصرية حاضرة وبقوة فى كل قضايا المنطقة والإقليم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة