يحتفل المصريون بذكرى الانتصار التاريخى على العدو الإسرائيلي في حرب أكتوبر 1973، والموافق العاشر من رمضان 1393، وهى الهزيمة الكبرى التي تلقتها إسرائيل من مصر، لتثبت قدرة مصر وشعبها وجيشها في كونهم أسرع من كل تقارير الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية وقتها، وعادت نفضة المصريون بأسرع مما يتوقعون، ولعلنا جميعا نتذكر معركة تدمير المدمرة إيلات والتي جسدها الفيلم المصرى الشهير الطريق إلى إيلات، وتلك المعركة حدثت في أكتوبر 1967 أي بعد 3 شهور تقريبا من النكسة، لتبدأ معها معركة الألف يوم أو ما تسمى حرب الاستنزاف، وهى الحرب الأطول في تاريخ المواجهات الإسرائيلية، وتكبدت فيها قواتها الكثير والكثير، ومازالت المتاحف المتخصصة تضم رفات طياراتهم ودباباتهم ومتعلقات الأسرى حتى الآن، لتكون عبرة للمتناسين منهم التاريخ المصرى، وهى موجودة يمكن زيارتها أو رؤية صورها وفيديوهاتها على مواقع التواصل الاجتماعى.
العاشر من رمضان ذكرى عظيمة لشعب عظيم، وسر العظمة في أن هناك توافق في الرغبة حول ضرورة نصرة الوطن أولا وأخيرا، ولأجل ذلك سيتحمل الجميع كل الخطايا لعودة الأرض واسترداد الكرامة، ولا يمكن بأى حال من الأحوال في أي دولة بالعالم أن يعود جيش منكسر إلى قوته في تلك السنوات القليلة، إلا أن قدرة المصريين مختلفة ومبهرة وتفاجئهم نفسهم شخصيا، فقد استعادت مصر قوتها بعد شهور، وبدأت خطط الاستعداد مع عدد من قادة الجيش المصرى وصولا للحظة التاريخية في أكتوبر 1973 بقيادة المشير أحمد إسماعيل، ورئاسة أركان الفريق سعد الدين الشاذلى، ورئاسة عمليات للفريق الجمسى، وعدد كبير من القادة الذين كانوا يرغبون في عودة أرض مصر وبأي شكل ممكن، وهو ما تم في حرب العاشر من رمضان، لتدخل مصر بعدها طريق السلام والمفاوضات لعودة باقى الأرض، وهو ما تم في نهاية المطاف بتحرير طابا في 19 مارس 1989.
العاشر من رمضان صورة نموذجية لفكرة التضحية لدى المصريين، وهو انتصار يعبر عن فكرة المقاربات الوطنية لتحقيق المصلحة العليا و دعم الأمن القومى المصرى، وتلك اللحظة يمكن أن تتشابه مع لحظة 30 يونيو 2013 حينما توافقت الرغبات والمقاربات حول ضرورة استرداد وطن بأكمله كان مفقودا لعام تقريبا، وفي اللحظة التي حدثت فيها النكسة 1967 كان الشعب المصرى يقف خلف قائده ويدعمه حتى يستعيد الأرض، وبالفعل دخلت مصر معارك الاستنزاف، ووصلت لإعداد كثير من الخطط والمواجهات، ولم يمهل العمر للرئيس الراحل جمال عبد الناصر لتحقيق النصر، واستكمل خلفه عملية البناء في الجيش وقدرات الدولة، وهو ما حقق لنا انتصارا عظيما يجب أن يكون فخر لكل مصري ولكل من ينتمى لجمهورية مصر العربية.
العاشر من رمضان أيضا صورة واضحة لشكل المصريين ومضمونهم، فحينما يقال لك أن مصر مختلفة عن العالم، وأن المصرى معروف بجبروته، يجب أن تصدق ذلك وتتيقن منه، ففي تلك اللحظة التي انتصرنا فيها في حرب أكتوبر كانت كل أجهزة إسرائيل واستخباراتها تنام ولا تستطيع قراءة التحركات، وليس لديها قدرة على المواجهة، وهو ما جعل لديهم عقدة خاصة من مصر والمصريين، لكنهم بغباء فطرى لا يدركون قيمة الرسائل والأحداث إلا بعد وقوعها، ويذهبون دائما لحافة الهاوية وهم متعلقون في أوهام الغرف المغلقة، لكن التاريخ لا ينسى والنتائج على الأرض أوقع من كل وسائل التشويش والتضليل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة