هاجت الدنيا وماجت حينما خفضت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، تصنيف مصر من B إلى B-، وربما هذا ما يجعل تقرير وكالة فيتش حول رأس الحكمة، هو التقرير الأبرز حتى الآن، خاصة حينما تقول الوكالة التي يستمع العالم لرأيها نصا، أنها لم تكن تتوقع هذا الاستثمار المباشر الكبير حينما خفضت تصنيف مصر الائتماني إلى B- فى نوفمبر 2023.
الوكالة ذكرت فى التقرير الذى نشرته أول أمس، أنها كانت تعتقد أن مصر ستحصل على قرابة 12 مليار دولار فى السنة المالية المنتهية يونيو 2024، ولكن العالم تفاجأ بأن صفقة رأس الحكمة ستدر على مصر 35 مليار دولار، فى مرحلتها الأولى، وهذا ما يجعلنا نقف أمام التمويل الضخم الذى قدمته تلك الصفقة، لتغير قواعد اللعبة كاملة بحركة شطرنج واحدة.
"متنفس تشتد الحاجة إليه".. هذه العبارة التي ذكرتها الوكالة فى الفقرة الأخيرة للتقرير خلال وصفها لتلك الصفقة، يجب أيضا أن نقف أمامها بشكل كبير، فهى تعبر بدقة عن ما قدمته الصفقة لمصر، ولكنها أيضا ترتبط بعوامل هامة ذكرها التقرير يجب أن تقف أمامها الحكومة، ويجب توعية الرأي العام بها أيضا، وهي أنه على الرغم مما قدمته الصفقة لمصر فإن ديمومة هذا التحسن فى الوضع الاقتصادي ستعتمد على تنفيذ إصلاحات تمنع أى اختلالات تمويلية فى المستقبل، حيث تصر الوكالة على أهمية وجود المزيد من المرونة فى سعر الصرف، تتلامس مع سياسات لتطوير الاقتصاد، ومدعومة بخطط لدعم قطاع تصدير أكثر تنافسية، وهى قواعد هامة يجب أن يتم العمل عليها فورا.
الوكالة لم تنف أن مصر لا تزال تواجه ضغوطا كبيرة، خاصة مع استمرار الحرب فى فلسطين، وتضرر حركة الملاحة فى قناة السويس، ولكنها ترى أن الصفقة ستسهل حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي والتوصل لاتفاق معه، ما يفتح الباب أيضا لمزيد من التمويل الخارجي للبلاد.
والأهم هنا من وجهة نظري، هو أن عبارة عدم توقعهم هذه الصفقة خلال تخفيض تصنيف مصر الائتماني، ربما يفتح الباب لرفع التنصيف مرة أخرى، وهنا سنكون أمام دعم كبير لموقف مصر الاقتصادي خلال الفترة المقبلة، والغريب أن من أقاموا الدنيا لحظة تخفيض هذه الوكالة لتصنيف مصر الائتماني، لم يقولوا كلمة واحدة أو يستعرضوا تقريرها الهام الجديد، والذى يحتاج كل سطر فيه لمراجعة كبيرة وتحليل هام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة