دولة الظلم زائلة، ودولة الحق وأصحابها باقون.. تلك هى قناعتى الشخصية تجاه الأوضاع منذ أن كنت صغيرة وحتى الآن، وما زال الأمل بداخلى مستمرا ومتجددا، فدولة الاحتلال "الصهاينة" لا بد لها من الزوال، لأنها قائمة على أكاذيب، بل لنقل إنها أكبر الأكاذيب على مر التاريخ القديم والحديث والمعاصر، من خلال خلق أكاذيب قديمة وإيجاد منابر لطرح تلك الأفكار فى صورة زائفة، لتجد مؤيدين وداعمين، كما الحال عندما قام هرتزل الصحفى الصهيونى بعمل مؤتمرات لتأسيس دولة الاحتلال "إسرائيل".
تلك الأكاذيب قامت لهدف أساسى، وهو سرقة أرض فلسطين، أهم تلك الأكاذيب بأن أرض فلسطين كانت غير مأهولة، وبالتالى فإنها "أرض بلا شعب"! كمحاولة لوضع ذريعة للتأسيس السياسى بعدم خضوع تلك الأرض لنظام حكم أو شعب بعينه، وهو الأمر الذى ينطوى بداخله أحقية الصهاينة للإبادة الجماعية لأهل تلك الأرض، باعتبارهم غير موجودين فى الأساس!
وأكذوبة أخرى بالأحقية التاريخية لشعب إسرائيل لتلك الأرض، وهو الأمر الذى يمكن نفيه بمراجعات بسيطة لكتب السير والتاريخ القديم، بل وحتى بالذهاب لعلم الحفريات والمخطوطات الذى يثبت وبالأدلة القاطعة الوجود التاريخى لشعب فلسطين وأحقيتهم التاريخية فى الأرض. ويتجاهل الصهاينة كل ذلك ويحاولون إضفاء بُعد تاريخى على وجودهم وسيادتهم على تلك الأرض من خلال إعادة تعيين أسماء للمناطق الفلسطينية بأسماء عبرية، تلك اللغة التى كادت أن تنقرض لولا محاولة موسى بن ميمون فى إعادة إحيائها من جديد فى عهد صلاح الدين الأيوبي.
كذبة أخرى تم تأسيسها بناء على كتبهم التاريخية والتى يتم التعامل معها بأنها كتب دينية فى مفارقة عجيبة يقرون هم بها أنفسهم، ولكن لا أندهش من ذلك لمجموعة تحاول بقدرالإمكان إثبات تفوقها ونبوغها وسيادتها على كل العرق البشرى، فهم المختارون والباقون مخلوقون من نطفة كلب أو حصان بحسب تلمودهم. تلك الكذبة هى محاولة للتأسيس التاريخى من خلال سير الأنبياء المذكورة فى كتبهم، والتى لا ترقى للإثبات التاريخى على الاطلاق.
أما أهم كذبة فتتلخص فى المظلومية، ومحاولة الإشاعة بأنهم شعب يتعرض للتهميش والمعاملة الرديئة من قبل كل شعوب الأرض وبالأخص العرب، وبذلك يحاولون خلق محاولة للتبرير بما يرتكبونه من جرائم فى حق الفلسطنيين حالياً والعرب قديماً بأنها محاولة للحفاظ على الوجود، وأنها ليست إلا دفاعا عن حق إلهى لهم، تلك المظلومية التى سادت فى العقلية اليهودية والتى تم تدعيمها من قبل المؤسسة الصهيونية فى كسب تعاطف ودعم عالمي.
التأسيسى السياسى لدولة الاحتلال الصهيونى
المخطط الصهيونى سابق على القضية الفلسطينية، فقد كان التفكير فى إبعاد اليهود من أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، وكان الخلاف حول إقامة دولة يهودية إما فى جنوب أفريقيا أو فلسطين، ولكن بوجود سابق تاريخى لليهود فى فلسطين تم اختيارها لتكون أرض اليهود، بدعاوى يهودية أولاً وإعمالاً للجانب السياسى والاقتصادى الغربى تجاه الشرق الأوسط، فكان لا بد من زرع تلك الدولة فى منتصف الدول العربية.
البداية كانت بثورة شعبية عام 1963 من خلال تحرك شعبى فلسطينى ضد المخطط، سرعان ما أجهضتها بريطانيا، وظل الحال كما هو عليه حتى 29 نوفمبر 1947 وإقرار الأمم المتحدة بقرار تقسيم فلسطين لدولتين، على الرغم أن اليهود لم يكونوا يسيطرون سوى على 6% فقط من مساحة فلسطين، ولكن الأمم المتحدة خصصت لهم 55% من أرض فلسطين! وهو ما قوبل برفض فلسطينى وعربى.
وفى 14 مايو 1948 قررت بريطانيا إنهاء انتدابها لفلسطين، وهو ونفس اليوم الذى أعلن فيه بن جورين إقامة الكيان الصهيونى المحتل، وبعدها بيوم أعلن الفسطينيون أنه "بوم النكبة". حاول الصهاينة إقصاء الفلسطينيين من صحراء النقب بدعاوى الأمن القومى الإسرائيلي، وقاموا بمذابح جماعية يندى لها الجبين، بل قاموا بجرائم حرب بمنع الفلسطينيين والأردنيين من المياه، فى محاولة لتخفيض عدد السكان الفلسطينيين بقدر الإمكان، حتى يسهل تهجير البقية أو إبادتهم فى هدوء.
من أشهر تلك المذابح مذبحة دير ياسين عام 1948 والتى خلفت ضحايا بالمئات من المدنيين الفلسطينيين، الأمر الذى استتبع صراعا عربيا إسرائيليا تجاه الممارسات الصهيونية ضد المدنيين العزل فى محاولة لإبادتهم وتهجير البقية، وأيضاً مذبحة صبرا وشاتيلا عام 1982 والتى خلفت الآلاف من الشهداء المتمسكين بأرضهم رافضين الاحتلال والتهجير.
دور مصر فى الصراع العربى الإسرائيلى
لن أبالغ فى قولى بأن مصر هى الحاملة لـ هم القضية الفلسطينية، من ناحية الموقع الجغرافى والراوبط التاريخية والعلاقات الاجتماعية، فضلاً عن الأهمية الدينية لأرض فلسطين بالنسبة للمسلمين، فمصر كانت متزعمة الأمة العربية فى رفض قرار 1948 بالتقسيم، الأمر الذى أدى لحرب مصرية تجاه الكيان الصهيونى عام 1948 فى ظل حكم الملك فاروق، وبعد فترة تاريخية أثرت على مصر من خلال تغيير نظامها الملكى لنظام جمهورى ومحاولة القيام بالدولة المصرية كجمهورية ومحاولة السيطرة على أراض مصر وقدراتها، للوقوف أمام المعتدى والاحتلال، قامت ثلاث دول بعدوان ثلاثى من إسرائيل وبريطانيا وفرنسا على مصر عام 1956، كمحاولة لفرض السيطرة على قناة السويس وتمهيدا للدولة الصهيونية لاحتلال قطعة أكبر من أرض مصر وهى سيناء.
كان الهدف الحقيقى من أوروبا السيطرة على قناة السويس، وكمحاولة لتعزيز تلك القوة كان ولا بد من تأييد الغرب لإسرائيل بالاحتلال كمحاولة لفرض السيطرة، الأمر الذى كبد الكيان الصهيونى خسائر جمة، وأثبت للعالم جميعاً بأن مصر لا تفرط فى شبر من أراضيها فيما بعد بفترة وجيزة.
حاولت مصر رد الكرامة فى حرب 1967 فى سبيل تحرير كل الأراضى المصرية والعربية من الكيان المعتدي، والذى حاول فى الفترة السابقة بناء مستوطنات والتأسيس التاريخى والسياسى لأحقيتهم فى الأراضى المصرية والعربية، ولكن لم يسعفهم الوقت.
فبعد فترة من القلق والتوتر ما بين مصر وإسرائيل، قام الجيش المصرى بملحمة فريدة، واستطاع اقتناص النصر من أيدى هؤلاء القتلة المحتلين، حتى اتفاق السلام ما بين مصر والكيان.
أكاذيب الكيان الصهيونى ومحاولة فرض الأمر الواقع
دولة إسرائيل قائمة فى الأصل على كذبة كبيرة، تخللها مجموعة كبيرة من الأكاذيب تستطيع نشرها عبر وسائلها الخاصة، أو عبر منصات فى دول أخرى تسيطر عليها، أو منصات تابعة لدول حليفة لها بحكم مصالحها فى الشرق الأوسط، ولكن على الرغم من كم الأكاذيب المتفرعة عن الكذبة الأصلية، كان لمصر نصيب الأسد فى تلك الأكاذيب، حيث لم تأخذ تلك الأكاذيب منحى سياسيا فقط، بل تمددت للجانب الاجتماعى والثقافى والفنى أحياناً.
أكبر تلك الأكاذيب هى أكذوبة التطبيع، ومفهوم التطبيع هنا بمعناه الارتباط الثقافى والاجتماعى والسياسى باعتبار أن دولة إسرائيل معترف بها من قبل الشعب كله وليس مجرد معاهدة سلام ما بين الطرفين، وتلك الكذبة التى يحاولون بقدر الإمكان نشرها عبر وسائل الميديا المختلفة كمحاولة لترسيخ وجودهم فى المنطقة، فضلاً عن تكوين علاقات بالجوار، حيث إنهم مكروهون اجتماعياً على مستوى العالم، فما ظنك بالجيران؟.
وأيضاً أكذوبة غلق معبر رفح أثناء دفاع إسرائيل عن نفسها أمام محكمة العدل الدولية، واتهامها بجرائم حرب، ومذابح ومحاولات لإبادة شعب مدنى أعزل، وهى الدعوى المقامة من جنوب أفريقيا، وببساطة المتابع للأحداث منذ بدايتها، ورؤية وفود عالمية تأتى لمعبر رفح لمناشدة الاحتلال بعبور المعونات والمساعدات كفيل بالرد على تلك المزاعم، بل وصل بهم التطاول لضرب المعبر أكثر من أربع مرات بحد قول الرئيس عبدالفتاح السيسى نفسه، وهو ما شاهدناه بأعيننا عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى، وكان الضرب بحجة تهريب أسلحة من الداخل الإسرائيلي، وايضاً أكذوبة احتواء المستشفيات في غزة على أسلحة وأنفاق، وهو ما لم تثبته دولة الاحتلال حتى اللحظة.
ففى ظل طوفان الأقصى، تتضح معالم النمط الفكرى الصهيوني، حيث ادعوا بأن حماس تقوم بقطع رؤوس الأطفال وهو ما لم يحدث، وأصبحت دلالة على الكذب فى أعلى مستوى فى الحكومة الإسرائيلية، وأيضاً كذبة معاملة الأسرى بأسوء معاملة، ما تم تكذيبها أيضاً عبر وسائل الإعلام، مما يطرح تساؤلا.. إلى أى مدى يمكن لإسرائيل الكذب؟.
سيل من الأكاذيب غير المنتهاه، ولن تتوقف إلا بزوال الاحتلال، كان لنا منها نصيب أكبر، وأعتقد أن الأكاذيب ستظل ما دام هناك أذناب تروج لها من الخارج، فى محاولة فرض توتر داخلى فى مصر لمصالح شخصية وأيضاً لمصالح لدول أخرى تحاول العبث بأمن واستقرار مصر.
المتتبع لتاريخ مصر، ينبغى أن يدرك فى قرارة صدره أن مصر أكبر مما يعرف، أنها شعب ودولة وجيش فى نفس الوقت، ليست الأكاذيب هى ما تعبث بها، بل إنها تزيد الاحتقان تجاه الجانب الصهيوني، إنهم يرسخون لمبادئ الكراهية، والتى يدعون بأنهم يحاربونها منذ آلاف السنين، إنها هزيمة للكيان، ولكنهم غير مدركين لذلك حتى هذه اللحظة، فلن يضيع حق وراءه مطالب، ولن نترك إخواننا فى فلسطين وحدهم، وستظل مصر باقية قوية رغم أنف الاحتلال ومزاعمهم وفرض سياسة الأمر الواقع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة