يحدث دائما.. مع نهاية كل عام وبداية عام جديد، أن تنطلق توقعات بعض المنجمين وقراء الطالع، حول ما يحدث، وهى توقعات وتنجيمات غالبا يعدها أصحاب خيال يقرأ الواقع، والسنوات ليس بينها فواصل، والدليل أن طوفان الأقصى الذى بدأ فى 7 أكتوبر 2023 ما زال ينتج تطورات وتحولات، فى كل المنطقة وليس فقط فى غزة، كما أن الحرب فى أوكرانيا تستمر وتنعكس سلبا على العالم، ومحليا فإننا أمام أضواء وأمل أن يكون العام الجديد فرصة لجنى ثمار البنية الأساسية ووجود آليات ومسارات لتنفيذ توصيات الحوار الوطنى وتوسيع المجال العام.
إقليميا امتدت نيران الحرب إلى جنوب لبنان وحزب الله، وإلى سوريا وإيران، وكلها دلائل على أن الأحداث تستمر وتتواصل وتتفاعل، فالحرب فى غزة التى تجاوزت الـ15 شهرا تتواصل، والأمل أن تسفر جهود مصر الإقليمية والدولية عن نهاية لجرائم الإبادة التى يرتكبها نتنياهو والمتطرفون فى إسرائيل، وتمسكت مصر برفض التصفية والتهجير، وتحركت لدعم القضية والتأكيد على ضرورة قيام الدولة الفلسطينية.
لقد كانت عملية 7 أكتوبر، حجة للاحتلال أن يشن حرب إبادة، ويقتل 25 ألف طفل فلسطينى، ومثلهم من الشباب والشيوخ والنساء، بشكل تجاوز مزاعم إسرائيل فى الدفاع عن النفس إلى حرب إبادة، وبعيدا عن أى تقييمات أو ادعاءات فإن ما يجرى يمثل مأساة تجاوزت النكبة، ثم إن الضوء الوحيد فى هذا الصراع أن القضية الفلسطينية أصبحت فى الواجهة، وعلى الفلسطينيين أن يحاولوا استعادة وحدة الصف حتى يمكنهم الذهاب معا إلى أى مسارات سياسية، الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب وعد بالسعى لإنهاء الحرب فى غزة، لكن ترامب له آراء وتوجهات وسوابق تدعم الاحتلال، ويشارك بايدن والديمقراطيين الانحياز لإسرائيل، وبالتالى فإن الرهان يحمل خليطا من التفاؤل والتشاؤم، وكيفية بناء سيناريوهات لمستقبل وسط أهوال العدوان الإسرائيلى على غزة.
كل هذا يجعل التوحد الفلسطينى ضرورة، لاستغلال تعاطف دولى واعترافات متتالية من دول العالم بالدولة الفلسطينية، وهو ما يمكن توظيفه لدعم الدولة، وأيضا مواصلة دعم المحاكمة للاحتلال أمام محكمة العدل الدولية والاستفادة من إدانة الاحتلال الإسرائيلى بجرائم التصفية العرقية والإبادة.
دوليا هناك أمل أن ينفذ الرئيس الأمريكى المنتخب وعوده، ويسعى لإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وقد أعلن خلال حملته الانتخابية خطأ الدخول فى حرب لم تنتج شيئا، وبالتالى فإن الموقف سوف يتحدد من خلال الممارسة ومدى قدرة ترامب على عقد صفقات تنهى الحرب فى أوكرانيا، وتطمئن روسيا، وفى الأفق قد تكون هناك صفقات ترتبط بالملف السورى، واحتمالات وجود سياقات تقود لإنهاء الحرب فى أوكرانيا.
تحركت مصر فى تجمعات اقتصادية تمثل سعيا لإصلاح النظام العالمى المختل، وفتح مسارات تعالج الخلل، مثل انضمام مصر إلى تجمع «بريكس بلس»، الذى عقد أولى دوراته فى روسيا، بعد توسيعه وقبول 6 دول أعضاء جدد أهمها مصر وإيران والسعودية والإمارات، وعقد بالقاهرة مؤتمر الدول الثمانى النامية، الذى ضم مصر وتركيا وإيران ونيجيريا وإندونيسيا وباكستان وبنجلاديش وماليزيا، وذلك ضمن توجهات الشراكة والتعاون الإقليمى والاقتصادى.
محليا فإن مصر التى واجهت كل التطورات والتحولات الإقليمية، وحرصت على وضع خطوط حمراء أمام أى تحركات تجاه أمنها القومى، ورفضت التهجير أو تصفية القضية الفلسطينية، تسعى لدعم المسارات السياسية فى الدول التى تواجه خللا بعد سقوط الدولة.
أمام الداخل الاقتصادى والسياسى، هناك أمل أن تكون السنة الجديدة مجالا لاستثمار البنية الأساسية، والاستجابة الاقتصادية لتوصيات الحوار الوطنى، مع إجراءات سياسية فى انتخاب مجلسى نواب وشيوخ، وبنية تشريعية وسياسية.
مع كل التشابكات والتطورات فى عام الغليان الحالى، هناك بعض الأضواء تعطى مؤشرا فى أن يكون عام 2025 حاملا لبعض الأمل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة