أقول عن الإنسان أو الشيء الذى لا أعرف حقيقته أنه "عامل زى يوم الأربعاء" فهو يوم "بين بين" فلا هو يوم من أيام الجدية مثل الثلاثاء، ولا هو يوم خفيف مثل الخميس.
والأربعاء يوم مفتوح على كل الاحتمالات فهو مرتع للأخبار الجيدة والسيئة معا ولا يعرف أحد إن كان يوما طويلا كالسبت أم قصيرا كالجمعة، هذا فضلا عن أنه بلا طابع خاص، فلا شيء يقال عن يوم الأربعاء.
ولم أعرف شخصا في حياتي يحب يوم الأربعاء أو يشعر بالبهجة فيه، كما لم ينتقده الأشخاص ولا ذكرته الحضارات كما هو شأن زميله وشقيقه الأكبر الثلاثاء، كما أنه في المواصلات يوم عجيب فلا أحد يمكنه فهم إن كان زحمة أم رايق فهو بين بين كما هو شأنه دائما، ستجده مزدحما في أسبوع فلا تعرف كيف تمشى في الشارع، وفى الأسبوع الذى يليه ستجده لطيفا رائقا فتضرب كفا على كف.
أما الثلاثاء فهو يوم مظلوم وقد قرأت أن الأسبان لا يحبون السفر يوم الثلاثاء ومن هنا فهمت جذر الشائعات والأقاويل التي تلاحقه في مصر التي لا أجد لها أي معنى فهو يوم من أيام الجد بالنسبة لي كما أن انتقاده في غير محله إذ لم يعرف أبدا أن الموصلات تكون مزدحمة فيه أو أن السماء تمطر فيه الضفادع.
أما إن كان الأمر له علاقه بكونك تكره الثلاثاء منذ الصغر لأنه يوم السبع حصص في المدرسة فذلك أمر وانتهى ثم أن المسئولين اختاروا تقسيم الأسبوع إلى قسمين ليكون كل قسم فيهما مماثل للآخر ليكون السبت نظير الثلاثاء والأحد نظير الأربعاء والاثنين والخميس وجهان لعملة واحدة، وهو موضوع لا علاقة للثلاثاء به بل إنني أقول إننى أحب الخروج دائما يوم الثلاثاء فلن تجد فيه رخامة الأربعاء ومرقعة الخميس وفراغ الجمعة.
وقال عنه ابن الرومي:
يومُ الثلاثاء ما يومُ الثلاثاءُ .. في ذِروة من ذُرا الأيام علياءِ
كأنما هو في الأسبوعِ واسطةٌ .. في سِمْطِ دُرٍّ مُحَلٍّ جيد حسناءِ
وقال الشاعر زكي مبارك:
تذكرت في يوم الثلاثاء أنني .. لقيتك واستوحيت روحك في شعري
وأقبلت أرتاد الجمال بناظر .. حواك إلى قلبي وإن لم تكن تدري
وقد وصفه القدماء بأنه "يوم لين وجُبار" وهو يوم إله القتال الفردي والقانون والعدالة في الأساطير الإسكندنافية، وفي العالم اليوناني، يعتبر يوم الثلاثاء يومًا سيئ الحظ، وينطبق الشيء نفسه على العالم الناطق بالإسبانية. ويُعتقد أن ذلك يرجع إلى الارتباط بين يوم الثلاثاء ومارس إله الحرب وبالتالي ارتباطه بالموت.
ويعتبر اليونانيون والأسبان يوم 13 من الشهر سيئ الحظ إذا صادف يوم الثلاثاء، وفي التقاليد الشعبية فإن طفل الاثنين وطفل الثلاثاء مليئان بالنعمة.
أعود إلى الأربعاء وأقول إنه ينطق "الأربع" في مصر كما ينطقه بعض أهل وجه بحرى بترقيق الراء ولا ينطق المصريون الألف والهمزة بأيام الأسبوع فيقولون عن الثلاثاء "التلات" كما يقولون عن الأحد "الحد" مع أن قليل من أبناء وجه قبلي ينطقونها "الأحد".
وقد استخدم عمرو دياب يوم الثلاثاء في أغنية يوم ثلاث فقال: يوم تلات تلات بنات ندهولي، ع البساط بصات يا ناس عجبوني، قاعدة وانبساط غدا وعزموني، فتفتوا الفتافيت وفتنوني.
فإذا كان عمرو دياب ندهته الثلاث بنات يوم الثلاثاء فسعد لدرجة أنه "فتفت الفتافيت" فكيف يكون يوم الثلاثاء تعيسا بالنسبة لك؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة