عبدالرحمن حبيب

دورى المدارس

الأربعاء، 20 سبتمبر 2023 02:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

لا حديث في الشارع سوى عن بداية العام الدراسى ومن ذكريات الدراسة الجميلة حصة الألعاب التي كانت طقسا احتفاليا ففيها الجرى وراء الكرة وتشكيل الفرق والصيحات والمباريات.

كلمة السر هي الحرفنة، يقولك "فلان ده حريف" وتتناثر حوله الأساطير التي تنبت من أرض حقيقية وأحيانا تظهر كنبت شيطانى بلا أساس، لكن الطقس الاحتفالي الأكبر هو دورى المدارس حيث تلعب المباريات في الفسحة أو في الحصص ويؤدى من يجلس بجوار الباب دور المعلق الذى يخبر بقية الزملاء بما جرى في المباراة التي يلعبها فريق الفصل الذى لم يعرف أحدا أبدا كيف تكون ومتى نشأ ومن كان له الرأي الأخير في وضع تشكيله فأنت فجأة تجد مجموعة من زملائك لابسين الشورت والفانلة ونازلين يلعبوا باسم الفصل!

تبدأ المباريات في الحصة الثانية وهنا يقوم واحد من الطلبة إلى الحمام للمرور في الطرقة للفرجة على جزء من الماتش ويأتي ليتحدث بصوت هامس قائلا "احنا مغلوبين واحد صفر" أو "كسبانين اتنين واحد".

كان الأسطورة الأكبر في مدرستنا الإعدادية بشبرا هو "عجينة" وسمى عجينة بهذا الاسم لأنه كان يتشكل مثل العجينة وراء الكرة وكان مثل العجينة فعلا فجسمه يتحول لكيان هلامي إذا بدأ الجرى وراء الكرة، فمتى بدأت المباراة تجد "رجله في حته ودماغه في حته وراسه في حته".

جسمه الذى يتمدد وينكمش هذا يجعلك لا تعرف هو "هيعدى منين ولا هو رايح بالكوره فين" وقد كان لاعبا في نادى المنشية كما هو شأن اللاعبين العظماء في شبرا وضواحيها.

لكن أسطورة فصلنا أولى سادس كان شعبان وهو طالب ضعيف البنية كما هو شأن كل لاعبى الكرة الحريفة يلبس نظارة كعب كوباية ولا تعرف إن كان طالبا ممتازا أم بليدا، ذكى أم نص نص فالبروفايل بتاعه ليس موجودا فيه سوى أنه حريف كرة قدم.

من اكتشف موهبة شعبان وروج لها.. لا أحد يعرف.

لكن الغريب في الأمر أننى لم أكن مقتنعا بموهبة شعبان ولم أره حريفا في الكرة، غير أن بعض جيرانه كانوا يقسمون لنا في المدرسة الإعدادى على أنه أحرف لاعب في التاريخ.

ألتراس شعبان في الفصل أطلقوا هتافا لتشجيع شعبان هو "شعبان يا ابن الإيه زي عبيدى بيليه"، هذا الهتاف أشاع أسطورة شعبان الذى كان لاعبا مثل عجينة في مركز شباب المنشية.

في المباراة الأولى لفصلنا في الصف الأول الإعدادى فاز فريقنا وكرر فوزه في المباريات التالية حتى وصل للدور قبل النهائى وفى هذه المباراة أحرز شعبان هدف التعادل بعدما كنا متأخرين لكنه أثار الجدل لأنه أخذ الكرة بيده وقال زملاؤنا أنه أخذها بكتفه ولم يقل شعبان شيئا كالمعتاد، المهم أننا تعادلنا في مباراة قبل النهائي وكسبنا بضربات الجزاء ثم خسرنا المباراة النهائية التي أقيمت في اليوم التالي.

بعد ظهر يوم الهزيمة توالى دخول اللاعبين الفصل متلقين عبارات التهنئة على التمثيل المشرف فدخل محمد على أستاذ العلوم وسأل عن سبب الهرج والمرج فقال له طالب إننا خسرنا في النهائي بعد مباريات عالمية قال الرجل: فرحانين يعني؟ فهمهم الطلبة ووقف "شعبان يا ابن الإيه زى عبيدى بيليه" متصدرا المشهد بخجل اللاعبين الكبار الذى يشبه خجل محمد صلاح ثم قال الأستاذ فجأة مخاطبا فريق الكرة: "اقلعوا الجزم".

"لما تبقوا خسرانين ما ينفعش تتبسطوا"، هكذا قال محمد على مدرس العلوم وكان أنيقا "شايف نفسه"، له رقى غارق في الخشونة التي أورثها له العمل في مدرسة حكومية، شمر المدرس أكمام القميص وأشار بيديه فوقف فريق الكرة صفا.

خلع اللاعبين الأحذية وسط صمت مهيب في بداية الحصة الخامسة لتنفيذ عقاب "المد على الرجلين" وكان ذلك طقسا شائعا في مدارس الحكومة عند المصائب الكبرى، وهنا رقد "شعبان يا ابن الإيه زي عبيدى بيليه" على ظهره متلقيا الضربات، مغمضا عينيه من الألم.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة