كيف نصنع بطلًا رياضيًا فى لعبة السباحة؟ .. بالتأكيد أن صناعة البطل تحتاج إلى سنوات عديدة من البناء وليس إلى شهور، لكن الأهم هنا هو الاهتمام منذ الصغر من الاتحاد والأندية والمدربين، وكيفية التعامل مع السباحين وتهيئة المناخ النفسى الملائم لخلق بيئة رياضية وتنافسية صحية حولهم قبل الاهتمام بالحصص التدريبية نفسها، بالإضافة طبعًا إلى دور الأسرة وتحديدًا الأمهات فى الإصرار على تحقيق حلم البطل في الأبناء مهما كانت الصعوبات.
القصص الملهمة فى صناعة أبطال رياضيين كثيرة ولا حصر لها ونراها بأعيننا يوميًا ونقرأ عنها كثيرًا، إلا أنه بما أننا نتحدث عن السباحة، فإن قصة السباح الأمريكي العالمى مايكل فيلبس الشهيرة، تعد خير مثال، إذ أنه وفقًا لما معروف عنه رحلته، عاش طفولة قاسية وعانى من التنمر بين زملائه بالمدرسة بسبب شكله وطول أذنيه وإصابته بفرط الحركة، ما دفعه للمعاناة بمرض نفسي نظرًا لانفصال والده عن والدته أيضًا.
هنا جاء دور والدة مايكل فيلبس، التي رفضت رؤية ابنها بهذا الشكل، وذهبت به إلى طبيب نفسي نصحها بضرورة ممارسة الرياضة، حتى اختارت له السباحة والتي كاد أن يغادرها مبكرًا بسبب الخوف من الماء في البداية، لكن إصرار الأم على تكملة المشوار لعب دورًا كبيرًا في استمرار الرحلة، بالإضافة إلى دور المدرب الذي نجح هو الآخر في تعليمه وجعل السباح الشهير يعشق اللعبة حتى صار هو ملكها الأول دون منازع، والمثل الأعلى في البطولة أمام براعم السباحة حول العالم.
في تاريخنا المصرى، هناك العديد من النماذج المشرفة التي صنعت اسمًا كبيرًا في السباحة، بداية من السباح العالمى عبد اللطيف أبو هيف، الذي منحه الاتحاد الدولى لقب " تمساح النيل"، لما قدمه من إنجازات فى الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين بعدما عبر المانش 3 مرات، وحصد بطولة العالم 5 مرات متتالية.
كذلك، إيناس حقي، أول سباحة مصرية تفوز ببطولة العالم في المسافات الطويلة عام 1955، والتي منحها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وسام الدولة لإنجازاتها الكبيرة.
بينما برز من مصر في العصر الحديث، السباحة رانيا علوانى بنت النادى الأهلى، والتي لقبت بـ"السمكة الذهبية" بعدما حققت العديد من الإنجازات للقارة الإفريقية عالميًا في فترة التسعينيات وبداية الألفية الجديدة.
كما أن هناك نموذجين تألقوا بشدة ورفعوا اسم مصر عاليًا، وهما أحمد أكرم ابن النادي الأهلي، الذي حقق العديد من الأرقام والميداليات إفريقيا وعالميًا، وكذلك السباحة الشهيرة حاليًا فريدة عثمان الملقبة بـ "فراشة مصر الذهبية".
كل النماذج السابقة، وراءها دعم كبير ومجهود جبار من أسرهم ومدربين، الذين لا يجب إغفال تأثيرهم أثناء محاكاة مشوار الأبطال الرياضيين، فضلًا عن العامل المادي الذي له دور كبير أيضًا في صناعة البطل، لكن الدعم المعنوى والنفسى لحياة الرياضي هو صاحب الدور الأعظم في هذا الشأن.
بينما يقود د. رائف حسن مدير أكاديمية السباحة المدارس بمجهود كبير ومتابعة دؤوبة لكل ما هو يخص الأكاديمية، ومعه محمد رشوان "ريشة" المدير الإدارى صاحب حلقة الوصل بين تنظيم المدارس والبراعم ، وكذلك أحمد فهمي المشرف الإداري، ومعهما الإدارى أحمد حامد "المكوك"، كما يطلق عليه، لدوره الكبير أيضًا في التنسيق، ونفس الأمر مع الكابتن أشرف فراج، صاحب المجهود الرائع في البراعم الصغار.
قبل كل ذلك، يأتي دور أولياء الأمور، كما ذكرت سابقًا، فبعيدًا عن المجهود البدنى وتعب الأيام من الجرى هنا وهناك خلف أبنائهم في التدريبات، نجد أن إصرارهم على ممارسة الرياضة بشكل عام يعد من أهم أنواع التربية حاليًا، فهى تساعد الأطفال على إخراج طاقتهم وتجعلهم يحددون هدفا فى الحياة يسعون إليه وتحميهم وتشغلهم عن السلبيات التى نواجهها الآن فى المجتمع.
مثلاً، عند سؤال السباح الأمريكي فيلبس فى حوار سابق: بماذا يمكنك أن تنصح طفلًا لم يجد شغفه حتى الآن؟.. فرد قائلا:" أعظم شيء تعلمته أن الحياة بطبيعتها صعبة، والأمر يعتمد فقط على قدرتك على مواجهة العوائق والتغلب عليها، إن فعلت فإنك بذلك شخص أقوى وستصل إلى النجاح".. إذن، البحث عن النجاح يستهدف منا التحلى بالشغف الصبر وبذل المجهود لتحقيق أهدافنا.
الخلاصة هنا تقول: صناعة بطل في السباحة، منظومة كاملة بالتعاون بين جهات مختلفة، تبدأ من السبّاح نفسه ومدربه والاتحاد والهيئة وأولياء الأمور، فبعيدا عن التقنيات وأدوات التدريب والتعليم وغيرها، فإن ثقافة البطولة والعامل النفسي والتغذية هم الحلقة الأهم في مساعدة السباحين ليكونوا أبطالًا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة