في إطار حرص وزارة السياحة والآثار على تحسين مناخ الاستثمار السياحي في مصر وتنويع أنماط وزيادة حجم الطاقة الفندقية بها، قامت وزارة السياحة والآثار، بالانتهاء من تقييم وترخيص ثلاث منشآت فندقية بيئية في واحة سيوة بمحافظة مطروح، حيث تعد هذه المنشآت هي أول فنادق بيئية يتم تقييمها وفقاً للاشتراطات والمعايير المصرية لتقييم الفنادق البيئية Ecolodge والتي تم اعتمادها في مارس الماضي، ولهذا نستعرض تاريخ سيوة ومعالمها الأثرية.
كان يطلق على سيوة فى العصور القديمة "بنتا" وجد هذا الاسم فى أحد النصوص المدونة فى معبد إدفو، وفى العصر الرومانى كانت تدعى "واحة آمون" حتى عهد البطالمة الذين سموها "واحة جوبيتر آمون"، بينما أطلق عليها العرب واحة الأقصى.
جاء فى المخطوطات السيوية القديمة، أن سيوة بشكلها الحديث تم إنشاؤها فى أوائل القرن الثالث عشر الميلادى، وكان موضعها الأول على الأرجح هى قرية أغور مى، بالقرب من المعبد أمون وكان السكان يحمون أنفسهم ضد غارات الرحل، فأقاموا قرية محصنة فوق التل، وهذه القرية القديمة تعنى شالى.
يرجع تاريخ تأسيس شالى إلى عام 1203، وكان للمدينة باب واحد فقط بغرض الاطمئنان على دفاعاتها، وفتح للمدينة باب ثان فى الجهة الجنوبية سمى "أترات" بمعنى الباب الجديد، وكان يستخدم للذين يفضلون تحاشى المرور أمام الأجواد وهم رؤساء العائلات، ولم يكن يعرف مكان هذا الباب إلا أهل سيوة، وفتح باب ثالث للمدينة حتى يخرج منه النساء، وفى عام 1820 فتحت قوات محمد على باشا سيوة، وأخضعتها لسلطة الحكومة، فتمتعت المدينة بالأمان والحماية، وسمح مجلس الأجواد فى عام 1826 للأهالى ببناء منازلهم خارج أسوار المدينة، وفى عام 1926 انهار عدد كبير من منازل المدينة وتصدع الباقى منها نتيجة للأمطار الغزيرة، فهجر السكان شالى وشيدوا منازل جديدة عند سطح الجبل.
واحة سيوة ليست فقط واحة منسية وسط الصحراء، ولكن التلال المطلة على الواحة توكد أهميتها التاريخية، ففوق هضبة "أغور مى" يوجد "معبد وحى آمون"، كان مركزًا لعبادة الإله آمون، معبود المصرين والإغريق آنذاك، بنى فى 1662 ق . م، ويقع على مسافة 4 كيلو متر شرق مدينة سيوة، اكتسب المعبد أهمية كبرى فى أرجاء العالم القديم وعرف "التنبؤات" أو معبد "الإسكندر"، وأزدات شهرته عندما ذهب الإسكندر الأكبر بعد وصوله إلى مصر عام 331 قبل الميلاد، إلى العراف اليونانى الشهير آمون الذى كان يعيش فى المعبد، ويقول المؤرخون إن القائد المقدونى، سأل آمون، عما إذا كان سيحكم العالم، وكانت إجابة الكاهن نعم لكن ليس لفترة طويلة، وبالفعل تم تتويج الإسكندر كأحد آلهة مصر عقب حصوله على نبوءة الكاهن.
ويشهد المعبد ظاهرة فلكية، تسمى الاعتدال الربيعى، حيث يتعامد قرص الشمس على المعبد مرتين كل عام، فى الاعتدال الربيعى، و الاعتدال الخريفى، وترصد الظاهرة اليوم الوحيد فى العام، حيث يتساوى الليل والنهار بعد 90 يومًا من أقصر نهار فى العام، وبعده بتسعين يوماً آخرين يقع أطول نهار فى العام.
شهد المعبد تغيرات كثيرة ووضعت فيه بصمات عديدة، بداية من العصر الفرعونى واليونانى والرومانى حتى الإسلامى، وفيه مسجد ومئذنة وغرف للكهنة الفراعنة، وممرات وبهو شيد لاستقبال الإسكندر وتتويجه، وبئر المياه المقدسة وجدران رومانية، وينقسم إلى نصفين، الأول فرعونى، والجزء الثانى "بطلمى وإسلامى"، وفى الطابق الثانى من المعبد يمكن مشاهدة تجمع منازل الواحة وبحيراتها المالحة، ومزارع النخيل الأخضر التى تحيطها و المعالم الأثرية الأخرى والجبال.
كما تشتهر واحة سيوة بمقابر جبل الموتى والتى تقع على بعد 1 كيلو متر من مركز الواحة، يعد الجبل الجبانة الرئيسية لسيوة القديمة، وتتوزع على ثلاث مستويات معظم المقابر منحوتة بنظام الطراز اليونانى الرومانى، حيث تبدأ بمدخل ثم صالة طويلة، ثم حجرة دفن داخلية، ومعظم هذه المقابر قد تم نهبها فى حقب ماضية، وكان أهل المقابر يختبئون بها خلال الحرب العالمية الأولى والثانية، كما نزحت إليها بعض القبائل عقب الغزو الإيطالى لليبيا، وتكمن أهمية تلك المقابر أنها بنيت فى نهاية العصر الفرعونى وبداية أوائل العصر الرومانى اليونانى، ويتضح ذلك من خلال النقوش الواضحة داخل المقابر.
كما يوجد فى سيوة معبد "آمون" أو معبد أم عبيدة كما اطلق عليه أهل سيوة القدامى، وتهدم معظم أجزاء المعبد عقب زلزال الذى تعرض له الواحة عام 1811، ولم يتبقى منه سوى جدار واحد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة