"منذ عدة سنوات أصبت بالوسواس القهري الخاص بالنظافة فكثيرًا ما أغسل يداي خمس أو ست مرات متتالية حتى أطمئن لنظافتهما وهذا الأمر سخيف ويزعجني، تطور معي الأمر إلى الخوف من الأمراض وأصبحت أعيش في خوف مستمر من أني سأصاب بالمرض وأموت قريبًا بسبب كثرة الأمراض المنتشرة في العالم من حولي، على الرغم من عدم معاناتي من أي شكوى صحية ولكني أشعر بخوف شديد منه، فهل هذا بسبب ضعف الإيمان وهي تصرفات من الشيطان كما يقولون لي أم إنه مرض نفسي لا علاج له؟"
*****
القارئ العزيز، نقلنا استشارتك إلى الدكتور ريمون ميشيل ثابت استشارى الصحة النفسية، الذي قال: بالطبع شكوتك المذكورة تدل على وجود الوسواس القهري وهو حالة مرضية ولكن لا علاقة لها بقلة الإيمان أو تصرفات من الشيطان فهذا أمر غير صحيح أبدًا، واطمئن أن الأمر غير مقلق حتى وإن كان مزعج بالنسبة لك، فلن يصيبك المرض نتيجة هذا الفكر الوسواسي الذي يسيطر عليك، ونشكر الله أولًا على تمتعك بصحة جيدة نسألك أن تحافظ عليها فهي نعمة ستسأل عليها أمام الله.
هنالك عدة تفسيرات علمية لأسباب الوسواس القهري، فيري بعض العلماء أنه سلوك مكتسب نتيجة القلق والتوتر النفسي أو كثرة الإحباط والإخفاق في الحياة، ويري البعض أن للعامل الوراثي دور في الاستعداد للإصابة به، ولكن في كل الأحوال هو يرتبط باضطراب كيميائي في الدماغ لا علاقة له بضعف الإيمان أو وسواس من الشيطان وأؤكد لك ذلك فاطمئن تمامًا.
الوسواس القهري أيًا كان نوعه هو عبارة عن فكرة ملحة تسبب القلق وقلة الراحة والانزعاج، ولكنها لا تسبب الإصابة بالأمراض، فعلينا أن نعالج الأفكار ونتعرف على الوسائل التي تقل وتحد من التوتر والقلق النفسي بعد تحديد مسبباته، ومعظم الحالات تستجيب للعلاج بصورة كبيرة جدا ويتم الشفاء تماًمًا عند الكثير بالالتزام بالعلاج المذكور بإذن الله.
وينقسم العلاج إلى شقين الأول نفسي سلوكي والثاني علاج دوائي للأفكار الوسواسية. بالنسبة للعلاج السلوكي الشيء الأهم هو عدم الاستجابة للفكرة القهرية وتجاهلها تمامًا مهما كانت حدتها وشدتها وقوتها، فالإنسان كالشجرة والفكرة كالعصفور، إذا سنحت الشجرة للعصفور بإعطاء مكانًا للسكن فيها، سيسكن ويكبر ويصنع له عشًا، أما إذا طاردتها فستطير وتبعد، وهذا هو دورك الآن، فقد قال الحكيم قديمًا أن فكر الحماقة يعد خطية، فلا تسمح للأفكار أن تسيطر عليك وعلى مشاعرك، بل عليك أنت أن تقودها وتتحكم فيها، لذلك أنصحك بقراءة كتاب قوة التفكير، فبعض أفكار الكتاب قد تساعدك في حل المشكلة، واعلم أن تجاهل الأفكار يبطل مفعولها الوسواسي. دعها تمر مرور البخار الذي يظهر سريعًا ثم يختفي فجأة، هذه وسيلة هامة وضرورية للعلاج.
إحدى وسائل العلاج الهامة الأخرى أننا نربط دائمًا الفكرة الوسواسية بالألم، فعندما تأتيك الفكرة الوسواسية اخبط يدك على المنضدة أو الحائط بجانبك أو ضع رابط النقود على يدك ثم اسحبه كلما أتتك الفكرة هذا يسمى ارتباط شرطي بين الفكرة والألم فيساعد العقل على رفض الفكرة لأنها ترتبط بألم جسدي وهذا أمر مثبت علميًا يسمى فك الارتباط الشرطي للتماثل وسرعة الاستشفاء، أنصحك أيضًا ألا تقرأ كثيرًا عن الأمراض وطبيعتها فهذا الأمر يزيد من الأفكار الوسواسية بشكل عام، أيضًا لا تذهب كثيرًا إلى الأطباء كثيرًا فهذا يزيد من الوسواس والتوهم المرضي وهذا أيضًا أمر مثبت، فإذا التزمت وداومت على تطبيق الإرشادات السلوكية المذكورة ستفيدك كثيرًا بإذن الله.
أما الجانب الآخر وهو العلاج الدوائي فهو مفيد وضروري في حالات الوسواس القهري حيث ان هذا الاضطراب يستجيب للعلاج بشكل قوي الأمر الذي يجب مراجعته مع طبيبك النفسي لأن العلاج الدوائي له منهج محدد يجب متابعته من جرعة بداية وجرعة علاج وجرعة وقاية قد تستمر لبعض الوقت في الاستمرار والالتزام ولا ضرر من ذلك أبدًا بإذن الله وفيه فائدة عظيمة.
صـفحة وشوشة
يمكنكم التواصل معنا من خلال رقم واتس آب 01284142493 أو البريد الإلكترونى Washwasha@youm7.com أو الرابط المباشر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة