انتهيت من كتاب "وأنت السبب يابا.. الفاجومي وأنا" لنوارة نجم، والصادر عن دار الكرمة، وقد خرجت من الكتاب وأنا أكثر محبة للشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، وأكثر إيمانًا بأن مصر "ولادة" على مدى زمانها، وأن المصريين لهم شخصية خاصة يختلفون بها عن العالم كله، وأنهم أهل حضارة على مدى التاريخ، وأن الكتب الجميلة لا يختلف حولها أحد.
إنه كتاب شيق، لن تتوقف عن قراءته، فقد كنت أظن أننا قد عرفنا أحمد فؤاد نجم وكشفت لنا الأيام كل ما دار في نفسه وما افتعل فيها، وأن قصائده وأحاديثه ومقالاته قد قالت كل شيء، لكن كتاب "وأنت السبب يابا" فتح لنا عالما جديدا عن الشاعر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس، وأهم ما أكده لي هذا الكتاب وقدمه بصوة وافية "إيمان" أحمد فؤاد نجم.
لقد كان أحمد فؤاد نجم مؤمنًا بقوة الإنسان وقدرته على التحمل، وسيرته الذاتية وحكاياته كما أوردتها نوارة نجم تكشف ذلك، فما عاناه فى السجون والحياة يكشف أن فى داخله قوة وفي قلبه شعلة من الرغبة فى المقاومة.
كما كان أحمد فؤاد نجم مؤمنًا - فى الوقت نفسه – بضعف الإنسان، وكم شهدنا منه دموعًا سالت من أجل الآخرين خوفًا عليهم وخشية، فقد بكى من أجل نوارة عندما اعتقلوها لأن "السجن وحش"، وغير ذلك الكثير مما يدل على قرب دمعته ونقاء قلبه.
وكان أحمد فؤاد نجم مؤمنًا بأن مصر "ولادة"، وهذا ما كشفه اهتمامه بالشعراء الجدد والثوار الجدد وإيمانه بالثورة، وتيقنه من أن التغيير قادم، كل ذلك يقول لنا أي روح "متفائلة" كانت تسكن الشاعر.
وكان أحمد فؤاد نجم مؤمنًا بأن مصر يحرسها أهلها الطيبون وأولياء الله الصالحون، وعلى رأسهم مولانا الحسين، وأعترف بأن الجزء المتعلق بعلاقة الشاعر بسيدنا الحسين كان جديدًا عليَّ تمامًا، وكان كاشفا عن "مصرية" نجم وشخصيته، كما أنه معبر عن علاقته "القلبية" بالله وأوليائه.
وكان أحمد فؤاد نجم مؤمنًا بالأصدقاء والأحباب، ولعل تسامحه وتقبله للناس بعيوبهم وتسترهم على هذه الأخطاء لا يأتي به إلا صاحب القلب الكبير والرؤية الواسعة، والذي يؤمن بـ"خد صاحبك على عيبه".
وأكثر ما أعجبني فى الكتاب "إيمان" نوارة نجم ومن قبلها الأستاذة صافي ناز كاظم بأن أحمد فؤاد نجم "طيب وغلبان" وأن من حوله هم من يؤثرون على أخلاقه، وذلك كشف لي الأثر الطيب الذي كان يتركه نجم فيمن حوله، ويكشف أيضا "إيمان" نوراة بأبيها.
فى الكتاب لم تقل لنا "نوارة" إن أحمد فؤاد نجم "ملاك"، بل هو "إنسان" يصيب ويخطئ، لكنها قالت لنا إنها أحبته وهو أحبها أيضًا، وأنها استطاعت بعد هذه السنوات أن ترى العلاقة بكل وضوح وأن تقدم هذا الكتاب "الصادق".
نخرج من الكتاب وقد تأكدنا بأن أحمد فؤاد نجم شخص صادق مع نفسه في حياته وشعره، وبالتالي صار صادقًا مع الآخرين، لم يخدع أحدًا، ولم يسمح لأحد بأن يفرض شيئا عليه، وروحه طيبة ومتمردة فى الوقت نفسه، وقد ترك أثره الدائم ومضى بكل سلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة