أكدت الشيخة بدور القاسمي، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لـ"مجموعة كلمات" والرئيسة السابقة للاتحاد الدولي للناشرين، أهمية مناقشة استدامة صناعة النشر وطرح مبادرات يمكنها أن تحدث تغييراً جذرياّ في آليات إنتاج ونشر وتوزيع الكتب، والاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا القطاع للتغلب على التحديات التي لا يمكن لأي ناشر أو موزع كتب أو عامل في منظومة صناعة النشر أن يواجهها بمفرده، موضحة أن التعاون أصبح عاملاً رئيساً للارتقاء بهذه المنظومة والاستجابة الفاعلة إلى العوامل التي تعيق تطورها كالضغوطات البيئية ونقص الموارد والتضخم وارتفاع التكاليف.
جاء ذلك في كلمة رئيسية ألقتها الشيخة بدور القاسمي في حفل افتتاح الدورة الثانية من "مؤتمر الموزعين الدولي"، أول مؤتمر لموزعي الكتب في المنطقة، والذي يجمع هذا العام أكثر من 400 كاتب وناشر وموزع وخبير في صناعة توزيع الكتب من 69 دول حول العالم، ويوفر لهم منصة لتقديم فرص جديدة وتسهيل معالجة القضايا الملحة وتمهيد الطريق نحو مستقبل أفضل، حيث يلتزم المؤتمر الذي تنظمه "هيئة الشارقة للكتاب" على مدار يومين بإثراء صناعة النشر والتوزيع ويهدف إلى إلهام المشاركين لمناقشة راهن الصناعة وتبادل المعارف والخبرات لتشكيل مستقبل صناعة نشر وتوزيع الكتب.
وانطلق حفل الافتتاح، الذي أقيم اليوم الإثنين، في "مركز إكسبو الشارقة"، بكلمة رئيسية ألقتها الشيخة بدور القاسمي، تلتها كلمة أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، ثم جلسة نقاشية جمعت ماركوس دوهلي، المدير التنفيذي السابق لـ"بنغوين راندوم هاوس" وبورتر أندرسن، رئيس تحرير "ببلشينغ بيرسبيكتيف".
بناء صناعة كتاب مستدامة ومزدهرة
وأكدت الشيخة بدور القاسمي في كلمتها أهمية التعاون والابتكار في صناعة الكتاب، مسلطة الضوء على ضرورة مراعاة الاستدامة ومراقبة تأثيرات هذه الصناعة على البيئة، كما ناقشت استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي وقدرتها على إحداث تغيير جذري في طريقة كتابة ونشر وقراءة الكتب.
وشددت الشيخة بدور القاسمي على ضرورة مواكبة المستجدات واتخاذ خطوات استباقية وتقديم طرق فعّالة لتعزيز هذه الصناعة وعملياتها، بالإضافة إلى تعزيز القدرات الإبداعية لدى الفرق العاملة في الصناعة، موجهة الدعوة لقادة الفكر في مختلف القطاعات للتعامل مع الصناعة من منظور مختلف لفتح آفاق جديدة أمامها، وفي الوقت نفسه أكدت الشيخة بدور القاسمي أهمية تجاوز التحديات القائمة بهدف التعلم والتطور والارتقاء، وأضافت: "هذه لحظة تاريخية في صناعتنا، وأنا واثقة بأن قدرتنا على الابتكار ستساعدنا على تحويل هذه التحديات إلى فرص حقيقية من خلال التعاون المستمر".
التزام بدعم وتعزيز صناعة الكتاب
من جانبه، قال أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب: "شكّلت الشارقة خلال خمسين عاماً من العمل لدعم وتعزيز صناعة الكتاب في المنطقة والعالم صورة متكاملة لأدق تفاصيل التحديات التي تواجه الأطراف المعنية في قطاع النشر والصناعات الإبداعية، وبفضل رؤى وتوجيهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لم تقتصر هذه المعرفة على سوق النشر العربي، وحسب، وإنما امتدت لتشمل سوق النشر العالمي، انطلاقًا من حضور الشارقة ومتابعتها لكل متغيرات الصناعات الإبداعية في العالم، ومشاركتها في فتح أسواق الكتاب على بعضها سواء سوق الكتاب الغربي على نظيره الآسيوي والإفريقي وفي المنطقة العربية والعكس".
وأضاف: "ندرك جيداً ما هي التحديات التي تعيق تطوّر أعمال موزعي الكتب، ومن هنا جاء تنظيم "مؤتمر الموزعين الدولي" ليمثل فرصة لتقديم الحلول والعمل على تنفيذها ودعمها وتحويل التجارب الناجحة في هذا القطاع إلى دروس عملية يحتذى بها، وبحث الفرص التي يمكن أن يوفرها التحوّل المتسارع في تكنولوجيا التسويق ومنافذ بيع الكتب، وسد الفجوات بين النشر والتوزيع عبر عقد اتفاقيات وشراكات مع موزعين في بلدان جديدة من المنطقة والعالم، والاستفادة من رؤى وخبرات المتخصصين العاملين في قطاع النشر وتصوراتهم لمستقبل القطاع والفرص الكامنة فيه".
وتابع: "إن مؤتمر الموزعين وما تمثله الإمارة اليوم لصناعة الكتاب، كان رسالة ورؤية كبيرة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، فقد قادنا بتوجيهاته لتكون إمارة الشارقة مركزاً عالمياً لتوزيع الكتب وتطوير صناعته".
راهن صناعة النشر العالمية
وجمع افتتاح المؤتمر كلاً من ماركوس دولي، المدير التنفيذي السابق لـ"بنغوين راندوم هاوس" وبورتر أندرسن، رئيس تحرير "ببلشينغ بيرسبيكتيف" في جلسة نقاشية رئيسة بعنوان "حالة النشر والبيع في الأسواق العالمية والوعد الذي تتيحه الأسواق الناشئة"، وقال ماركوس دولي:" من تأملاتي طوال 30 عامًا من العمل في نشر وتوزيع الكتب أدركت أن المستقبل يحمل العديد من الفرص لقطاع توزيع الكتب، لأن عالم النشر والتوزيع يتغير دائما، ومعظم العاملين في هذا القطاع يمكنهم تحويل التحديات التي يواجهونها إلى فرص مستقبلية، ونحن نشهد زيادة في جمهور القراء بنسبة 4% سنويًا، وأمام موزعي الكتب قطاعات واسعة من المجتمعات في العالم لا تصل إليها الكتب يمكنهم الوصول إليها".
وأضاف: "عندما ننظر إلى المؤشرات والإحصاءات التي نتجت عن ظهور الرقمنة في عالم النشر والتوزيع، نجد أن الناشرين قد تعاملوا مع التحول الرقمي بجاهزية تعكس استعدادهم لاستشراف المستقبل والاعتماد على الحلول التي تسهم في نمو أرباح الموزعين، بالتوازي مع ارتفاع نسبة القراء الذين يقومون بشراء الكتب الورقية والرقمية أكثر من السابق، ولا يزال توزيع الكتب يعتمد على النشر التقليدي ولدينا 20% فقط من الكتب يتم توزيعها بالصيغة الرقمية بينما 80% من حجم توزيع الكتب لا يزال للكتب الورقية".
وختم قائلاً: "سيظل الإنسان يحب القصص ويتوق إلى القراءة، وخلال جائحة كورونا ظن البعض أن انتشار الكتب الرقمية سيؤدي إلى اختفاء الكتب الورقية، لكن ذلك لم يحدث ولا تزال الكتب الورقية هي المفضلة لدى غالبية القراء، لكننا نحتاج كموزعين إلى استكشاف المزيد من الفرص التي تخدم قطاع توزيع وبيع الكتب بالتجزئة، ونحتاج إلى التفكير على مستوى الكاتب والناشر والموزع لنفهم القارئ ونعمل على مبادرات تراعي احتياج المجتمعات والقراء فيها، لتكتمل رؤى مختلف أطراف صناعة وتوزيع الكتب إضافة إلى الاستفادة من الترجمة وما توفره من فرص للموزعين".
وشهد اليوم الافتتاحي سلسلة من ورش العمل والجلسات التي قدمها نخبة من الخبراء في تخصصات ومجالات متنوعة، وتعرف الحضور من خلالها على عدة مواضيع، منها البيانات في صناعة الكتاب، والاستدامة وأهداف التنمية المستدامة، وسلوكيات شراء الكتب، وحملات التواصل الاجتماعي الفعالة، وتصميم دور بيع وتوزيع الكتب، والتسويق، وغيرها من المواضيع، حيث وفرت الورش للمشاركين منصة لطرح الأسئلة والاستفسارات، وتبادل الأفكار، والتعلم من الخبراء والمتخصصين والتعلم منهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة