كشفت إنجازات الاتحاد الدولى للناشرين خلال فترة تولى الشيخة بدور القاسمى رئاستها عامى 2021 و2022، وقبل ذلك نائبة للرئيس فى عامى 2019 و2020، عن مرحلة مفصلية فى مسيرتها، ويظهر ذلك فى عدد جمعيات الناشرين التى انضمت إليه، وعدد المبادرات النوعية التى شهدها قطاع النشر العالمي، والرؤية التى تبناها على مستوى التنوع والتعددية وتوسيع مساحة فعل الاتحاد والمجتمعات المستفيدة منه، إلى جانب مساهمته فى وضع قطاع النشر ضمن ركائز محركات التنمية فى عدد من البلدان والمجتمعات محدودة الدخل والفرص.
قدمت الشيخة بدور القاسمي، خلال رئاستها للاتحاد الدولى للناشرين، نموذجاً استثنائياً فى قيادة قطاع النشر العالمى ورسم ملامح مستقبله فى فترة صعبة شكلت تحدياً ليس لصناعة الكتاب وحسب، وإنما لكل حكومات العالم، وتجسّدت فى "جائحة كورونا"، فما أظهرته جهودها من نتائج نقلت الاتحاد من مرحلة التركيز على قطاعات النشر فى البلدان المركزية، إلى اتحاد دولى بالمعنى الحقيقى للكلمة، حيث نجحت فى وضع بلدان مغيبة عن الحراك العالمى فى مركز الاهتمام، وقدّمت أسواقها بوصفها الفرص المقبلة لصناعة الكتاب فى العالم.
عززت حضور المرأة فى قيادة قطاع النشر عالمياً
ومثل تولى الشيخة بدور القاسمى لهذا المنصب العالمى الرفيع سبقاً بحد ذاته، فهى أول امرأة عربية وثانى امرأة على مستوى العالم تتولى رئاسة الاتحاد الدولى للناشرين منذ تأسيسه فى العام 1869، إذ نجحت فى تغيير ليس ثقافة الاتحاد وحده بل والثقافة السائدة والأفكار النمطية حول المرأة فى قطاع النشر، والنساء العربيات بشكل عام، ونجحت فى تعزيز حضور المرأة بقطاع صناعة الكتاب، وأطلقت مبادرة "ببلش هير" لتكون منصة حاضنة للنساء الناشرات، وجاءت ثمار جهودها بنتائج مستقبلية، حيث ستخلفها فى رئاسة الاتحاد للدورة المقبلة والدورة التى تليها سيدات قياديات فى قطاع النشر، الأولى كارينى بانسا والثانية فانتسا جوبافا.
وجسدت الشيخة بدور رؤيتها تجاه النساء، ليس من خلال ما قدّمته من نموذج عالمى قاد قطاع النشر فى أصعب الأوقات وحسب، وإنما من خلال مشاركاتها فى الملتقيات ومعارض الكتب الدولية وحواراتها الخاصة، إذ ظلت تؤكد أن النساء بحاجة للمساواة فى الفرص ولا يحتجن المساواة مع الرجال فى كل شيء، مطالبة بمزيد من التعاون والتضامن بين الناشرات لدعم تجاربهن والارتقاء بمسارهن المهني.
رسمت خطة إنقاذ برؤى واستطلاعات 33 اتحاد نشر محلياً حول العالم
نقلت الشيخة بدور القاسمي، التحديات التى فرضتها جائحة كورونا على قطاع النشر من معوقات صعبة تهدد بتراجع حجم أسواق الكتاب فى العالم وتعطل نموه وتطوره، إلى فرص كبيرة لوضع التصورات والمتغيّرات المستقبلية والمتوقعة، على أرض الواقع، فقد بدأت مسيرتها فى الاتحاد بترسيخ مفهوم الشراكة بين الناشرين من مختلف الثقافات لتحديد التحديات والفرص التى ستتعامل معها لاحقاً.
وتجسدت شراكة المجتمع الدولى للناشرين فى العمل على تقرير: "من جهود التصدى للجائحة إلى التعافى منها 2020-2021"، وهو بمثابة استطلاعات رأى ودراسات حالة للتعرّف على آراء ممثلين عن صناعات المعرفة والكتاب، حيث تواصل فريق الاتحاد بقيادة الشيخة بدور القاسمى مع أكثر من 33 اتحاد نشر حول العالم، تمثل بمجملها نسبة 70% من سوق النشر العالمية أى نحو 90 مليار دولار أمريكى سنوياً، وتوزعت الاستطلاعات والاتصالات جغرافياً وفق النسب التالية: آسيا 40%، وإفريقيا 27%، وأوروبا والأمريكتين بنسبة 17% لكل منهما.
سعت الشيخة بدور القاسمى من التقرير إلى توفير قاعدة معرفية متنوعة ومرجعاً نظرياً للجهود العملية الهادفة إلى تعزيز مرونة واستدامة قطاع النشر، والتعلّم من التجربة العالمية الصعبة التى خاضها الناشرون، فجاءت النتيجة من خلال "الخطة العالمية لتعزيز استدامة صناعة النشر ومرونتها" – إنسباير – التى تم تطويرها بناءً على التقرير المبنى على استطلاعات رأى الناشرين ورواد صناعة الكتاب والمعرفة فى العالم.
40 زيارة ميدانية اقتربت فيها من واقع تحديات الناشرين
عملت الشيخة بدور القاسمى على تحقيق التناغم بين العمل النظرى والعمل على أرض الواقع، وتحقيق التناغم بين مخرجات استطلاعات الرأى والدراسات من ناحية، وبين خطط اتحادات وأطر النشر المحلية فى العالم من ناحية أخرى، لذا نفذّت الشيخة بدور القاسمى 40 زيارة ميدانية واسعة، شملت آسيا وإفريقيا، والأمريكتين، وأوروبا، التقت خلالها الناشرين فى ساحاتهم وبلدانهم وبشكل خاص فى المجتمعات التى عانت تغييباً طويلاً عن مشهد الثقافة والنشر العالميين.
أسست أول أكاديمية تعليمية ومعرفية فى تاريخ الاتحاد
كانت ثمار الاستطلاعات والزيارات المتواصلة التى اقتربت فيها الشيخة بدور القاسمى من واقع التحديات التى يواجهها الناشرون، خطوات نوعية لا تمثل إنجازات سباقة فى راهن قطاع النشر وحسب، وإنما فى مستقبله أيضاً، إذ أطلقت "أكاديمية الاتحاد الدولى للناشرين"، المبادرة الأولى من نوعها منذ تأسيس الاتحاد.
وجاءت الاكاديمية نتيجة جهود كبيرة بذلتها الشيخة بدور القاسمي، حيث تم التواصل مع أكثر من 150 من كبار المسؤولين والمديرين التنفيذيين بصناعة النشر فى أكثر من 40 دولة، بما فى ذلك دور النشر، والموزعين، والمؤلفين، والمعلمين، ومعارض الكتب، ودعاة الثقافة والمعرفة، ونشطاء حرية التعبير، ووصلت إلى ثمار ذلك بأن باتت الأكاديمية تقدم حوارات ومحاضرات وتحليلات علمية حول مهارات النشر الحديث وتوجهات أسواق وخيارات قرائه لأكثر من 15000 ناشر فى أكثر من 70 دولة.
أطلقت الصندوق الإفريقى للابتكار فى النشر
واستكملت الشيخة بدور جهودها بالإعلان عن منح "الصندوق الإفريقى للابتكار فى النشر"، حيث وجهت باعتبارها رئيسة لجنة الصندوق، هذه المنح لدعم ممارسات النشر التنموية وفى مقدمتها النشر التعليمى والمبادرات التى توفر مصادر المعرفة للمجتمعات متواضعة الدخل لتيسير وصول الكتب للمناطق النائية، وبذلك جسّدت فكرة أن تنمية المجتمعات المحتاجة تبدأ بإتاحة مصادر المعرفة والتعلّم ورعاية الثقافة والمثقفين والمبدعين.
ضمت جمعيات نشر 11 دولة عربية إلى الاتحاد
كان للناشرين العرب نصيب كبير من رعاية رئيسة الاتحاد الدولى للناشرين الشيخة بدور القاسمي، ليس لكونهم عرباً فقط، بل لأنهم يمثلون أسواق نشر ضخمة لها تاريخها وتأثيرها الكبير فى تشكيل ثقافة نحو 430 مليون عربى ينتشرون حول العالم، كما تحظى المؤلفات العربية باهتمام الناشرين الأجانب الذين يقبل قراؤهم على الأعمال المترجمة من الثقافة العربية بمختلف مجالاتها.
فمنذ انضمام جمعية الناشرين الإماراتيين كعضو فى اتحاد الناشرين الدوليين عام 2009، بذلت الشيخة بدور القاسمى كل جهد ممكن لزيادة الحضور العربي، وعملت بشكل مباشر مع العديد من جمعيات النشر لضمها إلى الاتحاد، فبدأت مع جمعية الناشرين السعوديين وجمعية الناشرين التونسيين فى العام 2015، وجمعية الناشرين الأردنيين فى العام 2017، وبعد ذلك انضمت العراق وموريتانيا والمغرب فى العام 2018، والصومال فى العام 2020 وليبيا والسودان عام 2021، وانضمت سوريا عام 2022 بصفة عضو مراقب، وذلك بعد أن كان التمثيل العربى فى السابق مقتصراً على جمعيتى الناشرين المصريين واللبنانيين.
فتحت الشيخة بدور القاسمى أبواب الاتحاد الدولى للناشرين أمام أعضاء جدد ومفاهيم وثقافات جديدة، لتستفيد من مبادرات الاتحاد مجتمعات لم يُسمع صوتها من قبل، وتترك فى الوقت ذاته بصمات عميقة فى ملامح النشر والثقافة على مستوى العالم، لا يمكن لها أن تتلاشى أو تُغيب، وستظل هذه المسيرة المميّزة حداً فاصلاً بين زمنين ثقافيين أحدهما كان تلقائياً والآخر واعياً لمتطلبات التنمية والانسجام الإنساني.
اعتمدت الشيخة بدور فى كل هذه الجهود التى قادتها على سيرة مهنية وقيادية طويلة فى صناعة الكتاب والعمل الثقافي، فقد أثمرت جهودها المتواصلة لترسيخ مكانة الشارقة مركزاً ثقافياً عالمياً - فى نيل الإمارة لقب "الشارقة عاصمة عالمية للكتاب" 2019، من قبل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، وهى أيضاً مؤسسة مجموعة كلمات، التى بدأتها من المحلية لتنتقل بها إلى العالمية، ومؤسسة ورئيسة جمعية الناشرين الإماراتيين التى ربطت من خلالها مجتمع النشر الإماراتى بالعالمى ووضعت الجهود والمساعى المعرفية الإماراتية فى مركز الاهتمام العالمي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة