قال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر: لا زال الحديث عن أكذوبة ضرب المرأة في الإسلام، يحتاج المزيد من البيان، موضحا أن ما جاء في قوله تعالى "فاضربوهن"، لا يمكن حمله لا على سبيل الوجوب أو الإباحة، بل أمر مختص بحالة معينة محاطة بقيود تجعل منها رخصة من الرخص الشرعية لا إلزام فيها أو إجبار، ويستوي فيها الفعل والترك مساواة تامة.
وذكر خلال تقديمه برنامج "الإمام الطيب"، عبر قناة "DMC"، أن قوله تعالى: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا"، فالآية بدأت ببيان القوامة ثم تفصيل أحوال الزوجات وموقفهن من قوامة الأزواج وأن منهن صالحات قانتات راضيات بقوامة الأزواج، ومنهن صنف أر ناشز مستعل على هذه القوامة، متمرد عليها وساخط منها، وممن في يده هذه القوامة، وهذا الصنف لا مفر له من علاج يرده عن علوه واستكباره.
وأشار إلى أن العلاج يرتبه القرآن الكريم على 3 مراحل، مرحلة النصيحة في الكلام فمرحلة الهجر في المضجع، فإن لم يجدي هذا أو ذاك فمرحلة يباح فيه شيء معبر عنه بالضرب، مضيفا أنه إذا كانت المشاحنات أو التوترات او الضيق أو التأفف لا ينطبق عليه وصف النشوز.
وأكد أن كلمة النشوز مأخوذة لغة من كلمة النشز أي المكان المرتفع من الأرض، فكل أرض تخرج على طبيعتها في الاستواء وتتميز بالارتفاع والعلو تسمى نشزا، وأعير المعنى على سبيل المجاز المرأة التي تنشر على زوجها، حين تستعلي وتستعصي على زوجها وتخرج عن طاعته وتكرهه، والنشوز كما يطلق على الزوجة وتوصف به يطلق أيضا إطلاقا متساويا على الزوج ويوصف به أيضا، ومعناه إضرار الزوج بزوجته وجفائها وضربها، ومن مظاهر نشوز الزوج إغضاب زوجته لأتفه الأسباب والتحامل عليها والتعدي عليها بلعنها وأهلها وترك المنزل طوال اليوم والعدة للبيت فقط وتهديدها بالطلاق او التزوج بأخرى والسخرية منها وزينتها ومظهرها ومستواها الاجتماعي والثقافي وغير ذلك مما تمتلئ به البيوت من هذه المكروهات شرعا وعرفا وإنسانية.
ولفت إلى أن ضرب الزوجة الناشز أو الزوج الناشز من باب العلاج وليس من باب العقوبات، وأول مرحلة هو الوعظ، وليس المراد به ما يتبادر من إطلاق اللفظ في مخاطباتنا الدارجة بقدر ما هو تذكير لها من زوجها بما يتمتعان به من نعمة وستر وعافية، وأنها إن لم تراجع نفسها فإن نشوزها سينتهى إلى الطلاق، وأنه ليس نزهة أو خلاص من هم وتعب وإنما طريق مملوء بالأشواك والعقبات، ويضرب لها مثلا بأزواج كثيرين ندموا بعدما أفاقوا من الطلاق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة