سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 فبراير 1942.. السفير البريطانى: لقنت الملك فاروق درسا قاسيا وهذا الغلام تحت سيطرتنا تماما

الأحد، 05 فبراير 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 5 فبراير 1942.. السفير البريطانى: لقنت الملك فاروق درسا قاسيا وهذا الغلام تحت سيطرتنا تماما الملك فاروق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اتصل السفير البريطانى مايلز لامبسون أو «اللورد كيلرن» بحسين سرى باشا قبل الساعة التاسعة صباح 5 فبراير- مثل هذا اليوم- 1942، ليسأله عن رأيه الشخصى فيما حدث فى مقابلة الملك فاروق مساء أمس.
 
كان «سرى باشا» هو رئيس الوزراء المستقيل يوم 2 فبراير 1942، وبعدها تفجرت أزمة «حادث 4 فبراير».. «راجع- ذات يوم 4 فبراير2023».. يؤكد «كيلرن» فى الجزء الثانى من مذكراته، ترجمة «عبدالرءوف أحمد عمرو »، أن سرى أخبره بأنه «وصل إلى القصر الساعة التاسعة والنصف مساء، وصدم من هول مشهد القوات المسلحة البريطانية، وأدرك أن هذا الغلام - يقصد الملك فاروق- تأثر كثيرا بهذه المواجهة الحادة، ويعتقد أن ما حدث كان الدرس الأول لإصلاحه ووضعه على الطريق السليم، والملك فاروق كان فى أشد الاحتياج إلى مثل هذه الطريقة، ولا شك أنه سعيد بأنه ما زال متربعا على عرشه.
 
يكشف «كيلرن» أسرار لقائه بالملك منذ وصوله إلى القصر فى التاسعة مساء 4 فبراير 1942، ويتحدث بغطرسة المستعمر واستخفافه بالطبقة الحاكمة المصرية.. يقول: «فى الطريق مررنا بين صفوف متراصة من القوات المسلحة البريطانية، الذين أحاطوا بالطرق المؤدية إلى القصر.. وبينما نحن نصعد سلم القصر إلى الطابق العلوى، كنت أسمع أزيز السيارات المصفحة، وهى تأخذ مواقعها للسيطرة على مداخل ومخارج القصر».
 
يضيف: «مرت خمس دقائق تأخير قبل استدعائى إلى مكتب الملك..لم أكن مستعدا للانتظار أكثر، الأمر الذى جعلنى اندفع إلى حجرة الملك، وعندما حاول رئيس التشريفات منع الجنرال «ستون» من الدخول معى، أزحته من طريقى، ودخلنا وسط ضجيج وهياج.. انزعج الملك، واقترح بقاء حسنين باشا، فوافقته، ودون مقدمات دخلت فى الموضوع.. قلت: حددت الساعة السادسة 6 مساء بالإجابة بنعم أولا على رسالتى إليك هذا الصباح «4 فبراير»، وبدلا من ذلك فإن «حسنين باشا» حضر لى الساعة السادسة والربع مساء بمعلومات لم أوافق عليها، وأريد إجابة الآن ودون مراوغة أكثر من هذا، عما إذا كان الرد بالنفى».
 
يكشف كيلرن: «سعى الملك إلى المجادلة فى أمور لفظية وردت فى نص الإنذار.. ومن ثم لم أترك له فرصة الحديث قائلا - مع رفع صوتى بغضب وحدة - بأن الأحداث غاية فى الخطورة، أعتبر ذلك ردا بالنفى، وإزاء هذا، أرغب طبقا لمسؤولياتى الاستمرار فى مهمتى، وقرأت عليه بحدة وانفعال، وشعور بالغضب، وجهات نظرى، وسلمته خطاب تنازله عن العرش، قائلا له: «عليك أن توقع هذا فورا، وإلا سأضطر لاتخاذ إجراءات أخرى غير سارة أواجهك بها».
 
يصف «كيلرن» حالة فاروق: «تردد الملك للحظات، وهمَ أن يوقع على خطاب التنازل عن العرش، لولا أن اعترض حسنين متداخلا، وبعد لحظة مشوبة بالتوتر، انتبه الملك الذى روعه التهديد تماما، وطلب منى بنبرة حزن تخلو من تبجحه السابق إعطاءه فرصة أخرى، وأجبته، يجب أن أعرف بشكل قاطع ماذا تقترح ردا على ما سبق، أجابنى بأنه سيستدعى النحاس فى الحال، وفى حضورى إذا أردت، وأكلفه بتشكيل الوزارة.. أكدت عليه بوضوح بأنه يقصد حكومة النحاس وباختياره هو شخصيا، وتعمدت التردد لبرهة من الزمن، وشعرت بميل أن أعطيه فرصته الأخيرة».
 
يضيف كيلرن: «أجاب الملك بانفعال شديد: تقديرا لوضعى ولمصالح الدولة سأستدعى النحاس فورا.. قلت له: إننى موافق، ثم بعد ذلك حاول برغم آلامه النفسية أن يتظاهر بالود والبشاشة، ثم بعد ذلك شكرنى بصفة شخصية لأننى دائما أحاول مساعدته».
 
انتهت المقابلة، ويصف كيلرن مشهد خروجه: «مررنا عبر الممرات المليئة بالضباط الإنجليز، وخدم القصر المنتشرين مثل الدجاج المفزوع فى القصر، وفى المدخل حيث يوجد مجموعة ضباط فى كامل استعدادهم العسكرى برشاشاتهم الآلية، وأصابعهم على زناد الإطلاق، وبمجرد أن مررنا من أمامهم أديت لهم التحية العسكرية، والشكر، ومررنا وسط كوكبة من المصفحات والدبابات، وهى على أهبة الاستعدادات العسكرية، وكانت فى كامل لياقتها».
 
يذكر كيلرن: «عدت إلى السفارة، وطلبنى تليفونيا حسنين باشا، سائلا ما إذا كان فى إمكان القوات المسلحة أن تنسحب من حول القصر حتى لا تعوق حضور النحاس، ووعدته أن أنظر فى هذا الشأن، وبعد نصف ساعة حضر النحاس إلى السفارة بعد أن ذهب إلى القصر لمقابلة الملك، الذى نفذ كل ما وعدنى به، والملك كان كلف النحاس مقابلتى ليعرفنى بكل ما تم.. حقيقة كان هذا الغلام «فاروق» تحت سيطرتنا تماما، وصدم أكبر صدمة فى حياته، فى إجباره على قبول النحاس وأنى آمل بل وأعتقد بأننا سوف نكون قادرين على قصقصة جناحيه وتقليم أظافره، وبهذا نستطيع أن يتم تطويعه لصالحنا فى المستقبل».
 
يكشف محمد التابعى فى كتابه «من أسرار الساسة والسياسة، وأحمد حسنين باشا»: «منعت الرقابة نشر أى خبر عن هذا العدوان فى مصر، كما منعت أية برقية فى هذا الموضوع إلى خارج مصر».. يضيف: «فى صباح 5 فبراير 1942 توجه مصطفى النحاس إلى مكتبه برئاسة مجلس الوزراء، وكانت اللجان الوفدية قد استدعيت من مختلف جهات القطر لتهنئة الرئيس الجليل، وكان الشعب يجهل تماما ما حدث فى مساء 4 فبراير، وانطلقت المظاهرات وسارت إلى دار الرئاسة تهتف بحياة مصطفى النحاس باشا، وأقبل السفير البريطانى ليهنئ النحاس، ثم خرج الاثنان معا إلى الشرفة وأيديهما متشابكة».









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة