أن يقودنا أحدهم إلى هذا الدرب القديم الذى اخترع فيه الإنسان الكتابة على الورق فهو أمر جدير بالاهتمام فلم يكتب الإنسان بادئ ذى بدء على الورق بل بدأ بطبيعة الحال بالحجر والشجر، قبل أن تتطور الحياة فى الحضارات المتطورة كالحضارة الفرعونية ليظهر ورق البردى والكتبة الذين يكتبون كتابات واضحة على البرديات لتبقى هى معين البشرية الذى يدل على ما كان فى العصور القديمة.
وفى كتاب ورق البردى اختراع الكتب فى العالم القديم تقدم الكاتبة الإسبانية إيرين فاييخو تاريخ الكتب فى العالم فى استكشاف ثرى لأهمية الكتب والمكتبات في العالم القديم يسلط الضوء على مدى تردد صدى هوس البشرية بالكلمة المطبوعة على مر العصور وهو كتاب قالت عنه صحيفة وول ستريت جورنال إنه كتاب "يمكن فهمه بسهولة وممتع"، إذ أن الكتاب يعرض التاريخ ممتزجا بالكلمة فى سلاسة.
يبدأ الكتاب من مرحلة إنتاج الكتب بكميات كبيرة حين كانت المخطوطات المنسوخة يدويًا على البردى لدى الفراعنة من كنوز العالم القديم، وبالتالى كان الأباطرة والفراعنة مصممين على امتلاك أكبر قدر من البرديات لدرجة أنهم أرسلوا مبعوثين إلى أطراف الأرض لإعادة البرديات التى انتشرت فى مناطق أخرى، وعندما أراد مارك أنتوني إثارة إعجاب كليوباترا كان يعلم أن الذهب والمجوهرات التي لا تقدر بثمن لن تعني شيئًا لها، فماذا أعطاها؟ أعطاها الكتب التى ذهبت لمكتبتها وفي الواقع يُظهر التاريخ الطويل والحافل بالأحداث للكلمة المكتوبة أن الكتب كانت دائمًا وستظل دائمًا وسيلة ثمينة تقدم رؤية متكاملة للحضارة.
ويجسد كتاب ورق البردى رحلة الكتاب من التقليد الشفوى إلى المخطوطات، وكيف أرسى هذا الانتقال أساس الثقافة الغربية، وفى الكتاب تستحضر الكاتبة الحائزة على جوائز عدة إيرين فاييخو فسيفساء الأدب العظيم في العالم القديم من شعراء اليونان المتجولين إلى فلاسفة روما، ومن المزورين الانتهازيين إلى المعلمين القاسيين وأمناء المكتبات المتعلمين مرورا بالنساء اللاتى عشقن الكتب وكل ذلك مع إلقاء الضوء على الأفكار القديمة حول التعليم والرقابة، السلطة، والهوية لا تزال تتردد حتى اليوم.
وتربط إيرين فاييخو ما جرى فى الماضى بزمننا، من المكتبة في سراييفو التي مزقتها الحرب إلى متاهة مكتبة أكسفورد تحت الأرض مما يؤكد استمرار الكلمات المكتوبة كأهم إبداعات البشرية.
ومن خلال تفسيرات الكلاسيكيات والحكايات المرحة والمؤثرة حول الكلمة المكتوبة، والقصص الرائعة من التاريخ، تنسج فاليجو نسيجًا رائعًا لأسس الثقافة الغربية تحدد القيم الإنسانية التي ساعدتنا في جعلنا ما نحن عليه اليوم عبر رسالة حب مفعم بالحيوية للغة نفسها، إذ يأخذ كتاب ورق البردي القراء في رحلة عبر القرون لاكتشاف كيف يمكن لورقة من قصب البردى نمتفى عصور الفراعنة على طول ضفاف النيل أن تولد ثقافة غنية ومحبوبة.
يذكر أن إيرين فاييخو موريو مؤلفة الكتاب عالمة لغوية إسبانية ومؤرخة وكاتبة مولودة في سرقسطة عام 1979، وهى مهتمة بتاريخ الحضارات البشرية والكتابة عن اللغويات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة