نظم بيت الشعر بدائرة الثقافة في الشارقة أمسية شعرية، شارك فيها الشاعران يوسف عبدالعزيز من الأردن، ومحمد علي الخضور من سوريا، بحضور الشاعر محمد عبدالله البريكى مدير البيت.
خلال الأمسية الشعرية
قدمت الأمسية سعاد شريدي من الجزائر، التي أشادت بالجهود التي يبذلها بيت الشعر في الفضاء الإبداعي، بخاصة أنه منذ سنوات طويلة وهو يضيء على تجارب شعرية حقيقية تمتلك حضورها في المشهد الثقافي، وأن ما يقدمه بيت الشعر من أمسيات موصولة بعطر الكلمة الصادقة يرسخ للعلاقة بين الشعر والمتلقي.
وقالت سعاد شريدى: اعتدنا على هذا الزخم الذى يتمثل في الحضور الكثيف من قبل الجمهور الذي دائماً يملأ ساحة البيت في كل أمسية، ما يعد مؤشراً على الألفة بين الشاعر والمتلقي، ومن ثم يبرهن أيضاً على أن الشعر باق، وأن الجمهور شريك نجاح، في ظل الدعم غير المحدود للشعر والشعراء من قبل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة.
وقد حلقت قصائد الشعراء في فضاءات مختلفة، فتغنوا بالحب، وعبروا بالكلمات عن عواطفهم الإنسانية، وفلسفاتهم الفكرية، ورؤاهم الكلية للحياة وبواطنها بإيقاعات موسيقية ظاهرة يغلب عليها الشجن، ومن ثم برعوا في تصوير الذات، ومثلوا حالاتهم الوجدانية في قصائدهم خير تمثيل، فتفاعل معهم جمهور الأمسية المتنوع الذي لم يقل في كثافته وزخمه عن إبداع الشعراء أنفسهم، إذ حظيت الأمسية بحضور نخبة من المثقفين، والنقاد والمتخصصين الأكاديميين في مختلف المجالات الفكرية والعلمية.
جانب من الأمسية
افتتح القراءات الشاعر يوسف عبد العزيز، الذي وظف تقنياته الشعرية الجمالية في إبهاج الحضور بكلماته التي حملت في طياتها روح الشعر العتيد بحيوية ودهشة وتألق، فقرأ في البداية قصيدة "أُنثى الرَّعد" التي في تسلسلها الدال تعبر عن فسلفة الشاعر وهو يهتف للحب بنبرة شجية خالية من الوهم، فيترك فضاء مفتوحاً لتأويله، ناسجاً صوراً متناغمة مع الحالة الوجدانية التي يعيشها في مع أنثى سماها مجازاً "أُنثى الرَّعد"، فيقول:
سيفٌ على عُنُقي ويُنكِرُني عذابي
والرّيحُ تقذفُ بي إلى الزَّمنِ المُرابي
هذا دمي مُدُنٌ تسلَّحَ رملُها
بالصَّمتِ، والأيّامُ فاتحةُ الخراب
كلّ النِّساء قَطَفْنَ من شجر الضّلوعِ
ثِمارَهُنَّ وَجُلْنَ في سُحُبي وغابي
كلِّ النِّساءِ خَلَعْنَ من قلبي العُروقَ
وَطِرْنَ من بينِ الأصابعِ كالسَّرابِ
وواصل الشاعر يوسف عبدالعزيز القراءة، فقرأ على مسامع الجمهور قصيدة أخرى ذات حضور في رصيده الإبداعي هي "ذئب الأربعين" الملأى بالصور المعبرة التي تستثير العواطف، نظراً لما تحمل القصيدة من مفارقات ورؤية لواقع كان يعيشه الشاعر في بعض مراحل العمر، فيقول:
على ماءِ الصباحِ الرخوِ
والحب بكى حين رأى صورتَه الصفراء
في المرآةِ :
ليلٌ أسودٌ تحتَ الجناحينِ
فراشٌ ميِّتٌ في قفصِ الصدرِ
ورمحٌ في الجبين
وحده في النَّفَقِ المعتمِ
ذئب الأَربعين
يملأُ الأرض عواءً
ويشمُّ الميّتين.
واستطاع الشاعر محمد الخضور ثاني شعراء الأمسية بأخيلته وإيقاعاته وصوره الشعرية المحتشدة أن يلامس مشاعر الجمهور بلغة مرهفة، حيث قرأ في البداية قصيدة" طلل" التي يبلور من خلالها مشاهد درامية تعبر عن أتراحه وأشجانه، فيقول:
غافِلْ بقاءكَ كنْ ظلَّاً لمن رحلوا
نحن الخرابُ الذي سمَّاك يا طللُ
حوصِرتَ بالإسم والمعنى يحاصرنا
تلهو بك الريِّح إذ يلهو بنا الأملُ
ما بين مبنى ومعنى شِبْهُ أحجيةٍ
تظلُّ في برزخ الأسماء ترتحلُ
أكلَّما أجهَضَتْ أيَّامنا أملاً
ندُسُّه في ثرى الفوضى ونبتهلُ.
ثم قرأ قصيدة أخرى مختتماً بها الأمسية حملت عنوان "موشح من أندلس القلب" التي استخدم فيها أدوات التصوير والترميز لتقريب تجربة خاصة، يستقطر من خلالها أيقاعاته الشجية بدلالاتها الكلية، وشفراتها العديدة المعبرة عن اقترانه بحلم يملأ كيانه دون أن يتحقق، فيقول:
مرُّوا على الرُّوح لم يوقفهمُ الحرسُ
كأنَّ وقع خطاهمْ فوقها نعسُ
وكنتُ روَّضْتُ حلمي كي يلاحقهمْ
فراوغوا الدَّرب حتى ضاعت الفَرسُ
كأنـَّهم قطفوا الأصوات من شجر الـرْ
ـــّـــ رُ ؤيا فأينع في أغصانها الخرسُ
كانوا ندامى سكونٍ في ترحُّلهم ْ
يسقيهم السرَّ صمتُ السَّير والغلسُ.
وفي الختام كرم الشاعر محمد البريكي، شعراء الأمسية ومقدمها.
خلال تكريم الشعراء
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة