أكرم القصاص

«صوت وصورة».. دراما الإدانة والبراءة فى عالم السوشيال ميديا والذكاء الاصطناعى

الثلاثاء، 26 ديسمبر 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلال السنوات الأخيرة، بدأت الدراما تنتبه إلى ظاهرة السوشيال ميديا التى أصبحت عاملا مؤثرا فى المجتمع بميزاتها وعيوبها، وتأثيراتها التى تغير وتتفاعل وتؤثر وتتلاعب، حيث يتم توظيف «التريند» وإمكانية استخدامه فى الابتزاز أو التلاعب، وهناك أعمال سينمائية أو درامية أصبحت تتعامل مع الظاهرة فى محاولة لتسليط الضوء عليها.
 
من بين الأعمال التى ظهرت مؤخرا وحازت على نسبة مشاهدة عالية كان مسلسل «صوت وصورة»، الذى قدم معالجة للظاهرة بعمق، وهو الأول بالدراما المصرية والعربية الذى يستعرض بجدية فكرة الذكاء الاصطناعى، وإمكانية توظيفه فى قلب الحقائق أو حتى إشعال منصات التواصل بفيديوهات ملفقة يصعب تفريقها عن الحقيقية. 
 
«صوت وصورة» يعالج قضية منصات التواصل، وكيف يمكن استعمالها كسلاح مزدوج، لصالح الضحايا أو ضدهم، وتضليل الجمهور بقصص مختلقة، بجانب كون السوشيال ميديا تضم محترفين يمكنهم اللعب لصالح من يدفع بصرف النظر عن موقفه حتى لو كان مدانا، ومثلما تكون نافذة يتحدث فيها المظلوم، فهى أيضا نافذة لتبرئة المجرم وتحويل القضايا إلى خليط مشوش، لدرجة حجب الحقيقة خلف «التريند»، الذى يكون فرصة لمحترفين من أجل الربح.
 
ويعالج مسلسل «صوت وصورة» قضية الهاكر وإمكانية تزييف الأدلة، ولعبة التريند التى يجيدها محترفون لتصدر محركات البحث والتريند بالعمل الاحترافى حتى ولو على حساب الحقيقة، بجانب وجود فرق من المحترفين هدفها الحصول على نسب من الربح حتى لو كان على حساب صناعة ضحية أو إظهار التعاطف معها، والعمل يدخل فى العالم الخلفى للسوشيال ميديا وتوظيف اللجان فى الترويج لقضية أو تنظيم هجوم مضاد، ووجود شركات لتبييض سمعة أشخاص. 
 
مسلسل «صوت وصورة» بمجرد عرض الحلقات الأولى منه على منصة WATCH IT، حظى بنسبة مشاهدة عالية وانتشر على منصات التواصل الاجتماعى، وتوفرت له عناصر النجاح لكونه يعالج موضوعا اجتماعيا بجانب حبكته الفنية التى جمعت بين الغموض والجريمة وتعامل مع قضية مطروحة فيما يتعلق بالتحرش من قبل شخصية طبيب أسنان له حيثية اعتاد ارتكاب الفعل والنجاة من العقاب باستعمال سلطته المادية والاجتماعية.
 
«صوت وصورة» من تأليف محمد سليمان عبدالمالك، وإخراج محمود عبدالتواب، وبطولة حنان مطاوع، ومعها بطولة جماعية من صدقى صخر، نجلاء بدر، وليد فواز، عمرو وهبة، مراد مكرم، ولاء الشريف، رامى الطمبارى، فدوى عابد، هاجر عفيفى، أحمد ماجد، حمزة دياب، الطفلة لافينا نادر، وعماد صفوت.  
 
محمد سليمان عبدالمالك، طبيب وعضو هيئة تدريس بكلية طب قناة السويس، وله أعمال إبداعية لكنه احتل مكانة متميزة بين كتاب الدراما بأعمال متنوعة، بين البوليسى والكوميدى، ويجيد اختيار وصياغة أعماله كاشفا عن عمق وثقافة وقدرة على تقديم خلطات درامية جذابة، له اجتهادات أدبية ودرامية وسيت كوم، لكنه قدم أعمالا مهمة فى السنوات الأخيرة منها الجسر، وقصر النيل ومذكرات زوج، وباب الخلق وغيرها وحاليا يعرض له مسلسل زينهم، وغيرها، كما قدم أعمالا للسينما، وهو كاتب متميز يجيد استعمال لمحات الكوميديا فى كل أعماله.. قدم سليمان عبدالمالك السيناريو والحوار، كاشفا عن قدرة كبيرة فى إمساك الخيوط، والتفاصيل النفسية لشخصيات بتنوع مواقعهم الاجتماعية، ووظف المخرج عناصر الحركة والملابس والديكور، وكان اختيار الممثلين مثاليا.   
 
مسلسل «صوت وصورة» يدور حول رضوى «حنان مطاوع» زوجة فقيرة تسعى للبحث عن عمل تساعد به زوجها فى سداد ديونه، وتسهل لها زميلة لها سعاد «فدوى عابد» عملا فى عيادة الدكتور عصام «مراد مكرم» طبيب أسنان مشهور، يبدو مولعا بتصوير كل من يتقدم للعمل عنده، ويختار ضحاياه بعناية ومواصفات محددة تشير إلى كونه ليس طبيعيا، لكنه يبدو مؤدبا ومتعاونا، تلتحق رضوى بالعمل عنده ويساعدها بمبلغ لسداد ديون زوجها «عبدالغنى» وليد فواز، الذى يعمل فنى تحاليل، لكن الطبيب يستغل وجودها معه بمفردها فيهجم عليها محاولا التحرش بها، لكن رضوى تنتفض وتقرر الإبلاغ عنه، لكنه يستغل نفوذه وأمواله لنفى الاتهامات، ويتهمها بالكذب والتشهير والابتزاز، ويدفع لشركة دعاية وتسويق إلكترونى تساعده فى قلب الطاولة عليها.
 
ويتم العثور على الطبيب مقتولا، ويوجه الاتهام إلى «رضوى» وتتشابك الأحداث وتتسع دوائر الاشتباه وتضم أكثر من شخص بالعمل، ويظهر لطفى «المحامى» الذى يقوم بدوره صدقى صخر، ونعرف أنه اعتزل المحاماة بعد أن فشل فى الدفاع عن إحدى ضحايا الطبيب الذى قدم شخصيته مراد مكرم، بإقناع، المحامى يعود لتبنى قضية رضوى ويظهر بشخصية المحامى، وبجانب المحامى يلمع عمرو وهبة، فى دور «وافى» مساعد المحامى وأحد الشباب المحترفين فى السوشيال ميديا، ويلعب دورا محوريا يجمع بين خفة الظل والعمق فى دور يجد إعجابا من جمهور الشباب وعالم التواصل الاجتماعى.
وتتشابك الخيوط، وفى الحلقة قبل الأخيرة تعترف «رضوى» لمحاميها أنها القاتلة، لكن النهاية تكشف عن أن القاتل هو «وليد» «أحمد ماجد»، شقيق المحامى لطفى عبود «الذى يكتشف عبر أوراق وصلت إلى مكتبه عن أن لشقيقه علاقة بالطبيب القتيل» فى توريد مستلزمات طبية رفض سداد ثمنها فقتله، ويبلغ «عبود» الشرطة ليثبت براءة «رضوى».
 
أجادت حنان مطاوع فى أداء الدور، ومعها زوجها وليد فواز الذى سبق وقدم أدوارا متميزة، حيث يقدم شخصية «عبدالغنى» زوج رضوى فنى التحاليل الذى يعانى من خلل وإحساس بالظلم والاستسلام والخبث والتواكل، ضمن تركيبة نفسية قدمها وليد ببراعة  تثير التعاطف والاشمئزاز فى مواقف مختلفة، ونفس الأمر مع نجلاء بدر «نرمين» زوجة الطبيب المتحرش القتيل، وتقدم دورا مركبا لزوجة تبدو قوية ثابتة وسهلة ومعقدة تحاول حماية أسرتها وسمعة زوجها.
 
وهناك أدوار فى العمل بالرغم من قصرها لكنها كانت مؤثرة، مثل ناردين فرج التى قدمت دور المحامية الفاسدة ذات الشخصية القوية والمركبة والمعقدة، وعماد صفوت فى دور عبدالتواب زوج أخت رضوى، المتطرف الذى يظل مختفيا ويظهر فى مواجهة مع رضوى وهى تعنفه وتوقفه عن إيذاء أختها. 
 
«صوت وصورة» عمل يعالج ظاهرة تفرض نفسها على المجتمع، وتعيد صياغة الرأى العام، وتتلاعب به، وتحمل قلقا وخوفا، ورغم أن رضوى تعتزل عروض التريند، تبقى الإغراءات قائمة لمن يريد تحقيق أرباح، وهى قضية أخرى.
p.8

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة