في مثل هذا اليوم 25 نوفمبر من عام 1875م، باع الخديوى إسماعيل حصة مصر من أسهم قناة السويس إلى بريطانيا لتسديد جزء من الديون، لتبدأ "الكارثة الكبرى التى انتهت باحتلال الإنجليز لمصر بعد ذلك بأقل من سبع سنوات"، حسبما قال الدكتور مصطفى الحفناوى فى كتابه "قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة".
ويسرد الكاتب الكبير سعيد الشحات في "ذات يوم"، كواليس تلك الأحداث قائلا: توجه القنصل البريطانى فى مصر «ستانتون» إلى «نوبار باشا» وزير خارجية الخديو إسماعيل يستجوبه: «هل يبيع الخديو أسهمه فى قناة السويس لفرنسا؟.. أفضى نوبار بالتفاصيل، فطلب القنصل منه، ومن إسماعيل صديق، وزير المالية، وقف المفاوضات، حتى يقف على رأى حكومته، فوعد نوبار بوقفها ثمانى وأربعين ساعة، وفى الساعة الثامنة من مساء 18 نوفمبر 1875 أبرقت وزارة الخارجية البريطانية إلى قنصلها تطالبه إبلاغ الخديوى قبول حكومته شراء الأسهم بشروط معقولة، حسبما يذكر الدكتور مصطفى الحفناوى فى كتابه «قناة السويس ومشكلاتها المعاصرة»، مؤكدا أن القنصل اتصل بالخديوى ليقدم له عرض حكومته، لكن الخديوى اعتذر قائلا: إنه يريد تحويل الديون السائرة إلى دين ثابت، ولذلك فإنه مضطر لتقديم الأسهم كضمان لهذا التحويل، ولكنه لا يريد أن يبيعها، فإذا كان ولابد من البيع فسيعطى الأفضلية للحكومة الإنجليزية». فى الأيام التالية اشتدت الحالة سوءا، واستحال رهن الأسهم، وعددها 177 ألفا و642 سهما فقبل «إسماعيل» بيعها، وأبرق قنصل إنجلترا إلى حكومته يبلغها بذلك يوم 23 نوفمبر، وبأن السعر مائة مليون فرنك «4 ملايين جنيه»، فجاء الرد فى نفس اليوم ببرقية شفرية بقبول الحكومة الإنجليزية، وأن بنك «روتشلد» بلندن تعهد بأداء الثمن فورا، وتمت الصفقة وتحرر العقد الذى وقعه «إسماعيل صديق باشا» نائبا عن الحكومة المصرية، والجنرال ستانتون القنصل البريطانى نائبا عن حكومة بلاده يوم 25 نوفمبر 1875 لتبدأ «الكارثة الكبرى التى انتهت باحتلال الإنجليز لمصر بعد ذلك بأقل من سبع سنوات»، وفقا للحفناوى.
كان البيع نهاية عملية لأن تكون لمصر كلمة فى إدارة القناة، أما قصة البيع على الصعيد المالى فكانت قمة الإثارة.. يذكر الحفناوى، أنه قبل إبرام العقد تبين أن الأسهم لم تكن 177 ألفا و642 سهما، وإنما 176 ألفا و602 سهما، وتم تسوية حساب الثمن بعد استبعاد قيمة 1040 سهما ناقصة، فصار صافى الثمن 3 ملايين و976 و582 جنيها إنجليزيا، وتم الاتفاق على أن يدفع 25 مليون فرنكا فى أول ديسمبر، ويسدد الباقى فى ديسمبر ويناير، ولما كانت الحكومة المصرية تنازلت فى اتفاقية 1869 عن فوائد أسهمها لمدة خمس وعشرين سنة تنتهى فى 1894، قبلت أن تدفع للحكومة البريطانية عن كل سنة ابتداء من 1875 إلى 1894 فوائد بنسبة 5 % من قيمة الثمن مقابل حرمان الحكومة الإنجليزية من أرباح الأسهم طوال هذه المدة، ومعنى ذلك أن الحكومة البريطانية تسترد المبلغ الذى دفعته فى الشراء سنة 1894.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة