مخطط التهجير يكشف وجوه ازدواجية المعايير الغربية.. ويمثل مباركة للعدوان على غزة.. الدعوة تتعارض مع خطاب التهدئة.. وتقوض حل الدولتين.. وتتنافى مع مواقفهم الداخلية حيال اللاجئين الأوكران

الخميس، 02 نوفمبر 2023 12:40 م
مخطط التهجير يكشف وجوه ازدواجية المعايير الغربية.. ويمثل مباركة للعدوان على غزة.. الدعوة تتعارض مع خطاب التهدئة.. وتقوض حل الدولتين.. وتتنافى مع مواقفهم الداخلية حيال اللاجئين الأوكران غزة
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
جهود كبيرة بذلتها الدولة المصرية منذ اندلاع الأحداث الراهنة، التي يشهدها قطاع غزة، في السابع من أكتوبر الماضي، عبر التحرك على العديد من المسارات، أبرزها التهدئة، ومرور المساعدات الانسانية إلى سكان القطاع، ومرورا بملف الأسرى، وصولا إلى العودة إلى إيجاد أفق سياسي يمكن التوافق حولة، لتحقيق قدر من الاستقرار "المستدام"، مما يفتح الباب أمام مفاوضات جادة من شأنها تحقيق الشرعية الدولية، على أساس حل الدولتين، وتأسيس الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما بدا في العديد من الخطوات التي اتخذتها بدءً من عقد قمة "القاهرة للسلام"، واللقاءات الثنائية التي عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع زعماء وقادة العالم، ناهيك عن إرسال قوافل إغاثية وتوصيل المساعدات القادمة من الدول الأخرى دعما للمنكوبين في غزة.
 
وعلى الرغم من تأكيد العديد من القوى العالمية، خاصة في دول المعسكر الغربي، على التمسك بمبادئ الشرعية الدولية، إلا أن دعوات إجلاء الفلسطينيين من القطاع تمثل امتدادا للدعوة التي أطلقتها سلطات الاحتلال بتهجير سكان غزة إلى دول الجوار، وهو ما رفضته القاهرة تماما منذ اللحظة الأولى، وأكد عليه الرئيس السيسي سواء في قمة "القاهرة للسلام" أو خلال لقاءاته الثنائية مع كبار المسؤولين الدوليين في الأيام الماضية، جراء التداعيات الكبيرة للخطوة، سواء على مستقبل القضية الفلسطينية أو على المنطقة بأسرها، في ظل العديد من النتائج التي قد تترتب عليها، وأبرزها تصفية القضية، عبر تجريد الدولة المنشودة من أحد أهم عناصرها وهو المواطن الفلسطيني نفسه، ناهيك عن تنامي النزعة الانتقامية لدى أطراف الصراع.
 
فلو نظرنا إلى مستقبل القضية الفلسطينية حال تهجير أبناء قطاع غزة، نجد أن هذا المخطط يقوض أي أمل حول تأسيس الدولة المنشودة، والتي تمثل الأساس الذي تقوم عليه الشرعية الدولية، بينما يبقى تصاعد النزعة الانتقامية لدى الفلسطينيين المهجرين من أراضيهم دافعا لهم لاستهداف إسرائيل من دول الجوار، وهو ما يعني اتساع دائرة الحرب جغرافيا من تلك الرقعة المتنازع عليها إلى نطاق إقليمي أوسع.
 
الرؤية الداعمة للدعوات الإسرائيلية، تمثل في جوهرها، امتدادا لحالة من الازدواجية التي يعاني منها الغرب، في العديد من الملفات، حيث تتعارض في الأساس مع الدعم الذي طالما أعربوا عنه لحل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، والطريق لتحقيق التعايش بين الدولة العبرية وجيرانها، على عكس حالة الانسجام التي اتسم بها الموقف المصري الرافض للتهجير، بينما قدم العديد من الأدلة العملية على دعمه للقضية وأبناءها، سواء بالإصرار على إدخال المساعدات تارة، أو باستقبال المصابين من الفلسطينيين على أراضيها ليتلقوا العلاج ثم عودتهم لبلادهم مرة أخرى، في انعكاس لرؤية سياسية عميقة من شأنها تقديم غطاء من الحماية للمرتكزات التي تنطلق منها القضية الفلسطينية، بينما تتوازى معها رؤية إنسانية تسعى لحماية أرواح الآلاف ممن أصابتهم آلات العدوان الوحشية.
 
ازدواجية المعايير الغربية، في ظل الضغوط المرتبطة بدعوة إسرائيل المشبوهة لتهجير أبناء غزة، تتجسد بوضوح في الكيفية التي يتعاملون بها في الداخل مع اللاجئين القادمين إليهم من العديد من دول العالم، في ظل ما يمثلونه من تهديد أمني، جراء مخاوف من تسلل عناصر خطرة إلى أراضيهم من جانب، أو ما يشكلونه من ضغط اقتصادي في ظل ظروف عالمية تبدو صعبة للغاية. 
 
حالة الامتعاض الغربي جراء قبول اللاجئين، بدت واضحة في أوروبا بصورة كبيرة، في أعقاب الأزمة الأوكرانية إلى الحد الذي دفع إلى إطلاق دعوات حول ما يسمى "التوزيع العادل" للاجئين في القارة العجوز
 
ففي تصريح سابق لها، دعت وزيرة الداخلية الألمانية، نانسى فيسر، جميع دول الاتحاد الأوروبى إلى توزيع أكثر عدلًا للاجئين من أوكرانيا الذين فروا من بلادهم، موضحة أن بلادها استقبلت حوالى 1.1 مليون لاجئ أوكرانى في مارس الماضي وأنه نظرًا للعدد الكبير من الوافدين، شعرت السلطات الإقليمية فى كثير من الأحيان بالضغوط لأنها لم تتمكن من استيعاب الجميع بشكل صحيح.
 
وبالنظر إلى الأوضاع الراهنة في غزة، نجد أن القبول الغربي لدعوة إسرائيل بتهجير الفلسطينيين، تمثل جانبا ثالثا لحالة الازدواجية، حيث أنها تمثل مباركة ضمنية لمواصلة العدوان على القطاع، وهو ما يتنافى مع الخطاب الذي تبنوه علنا حول ضرورة التهدئة، والتي تمثل أولوية قصوى في المرحلة المقبلة، باعتباره مرتبطا بشكل وثيق بدخول المساعدات، والتي تراها الدولة المصرية أساسًا لخروج الأجانب ومزدوجي الجنسية من منطقة العدوان تمهيدا لإعادتهم إلى بلدانهم.
 
وهنا يمكن القول بأن الازدواجية التي يعانيها الغرب تعكس حالة من الارتباك، في تناقض صارخ بين الخطاب المعلن والسياسات التي يتبنوها في إطار يتسم بقدر كبير من الانحياز لطرف على حساب الاخر، وهو ما يقوض أي أمل من شأنه الوصول إلى احتواء الأوضاع الراهنة أو فيما يتعلق بقضايا الوضع النهائي.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة