أكرم القصاص

أكرم القصاص يكتب: أرباح وخسائر ودروس الحرب على غزة فى عصر "الصورة"

الخميس، 12 أكتوبر 2023 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إذا كانت لهذه الحرب التى يشنها الاحتلال الإسرائيلى على غزة من ميزات، بكل دمارها، فهى أنها أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة، بعد سنوات تراجعت فيها، لأسباب متعددة، بعضها فلسطينى، والبعض إقليمى ودولى.
 
فقد تسبب الانقسام الفلسطينى فى تشويش كبير منذ 2006، عندما انقسم الفلسطينيون إلى غزة والضفة، وبدا للعالم أن هناك تفككا وتشتتا، بجانب التحولات الإقليمية التى شهدتها المنطقة العربية والتى بدأت بغزو العراق، ثم سنوات ما بعد 2011، والتى أسفرت عن حروب أهلية وصراعات، صرفت النظر بالطبع عن القضية، مع تصاعد تنظيم داعش الإرهابى، وباقى التنظيمات التى حولت الربيع العربى إلى شتاء، وأنتجت المزيد من اللاجئين، بجانب الخسائر الاقتصادية. 
 
ومع تطورات وتحولات النفوذ والمنافسة، السياسية والاقتصادية فى العالم وانصراف الدول الكبرى إلى منافساتها وصراعاتها، كل هذا ضاعف من تراجع القضية الفلسطينية، ومكن الاحتلال من مواصلة ابتلاع الأراضى وقمع الفلسطينيين، وتكررت عمليات الاستفزاز وحروب الحصار والتجويع.
 
كل هذه العوامل ساهمت فى تراجع القضية الفلسطينية إقليميا ودوليا، تكررت عمليات المقاومة، والتى واجهتها قوات الاحتلال بتدمير غزة، وحصارها، وآخر هذه المواجهات كانت فى أغسطس 2022، والتى انتهت بمبادرة مصرية، طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقبلتها الأطراف، حتى كانت عملية «طوفان الأقصى» التى جرت وكانت هى الأكبر والأوسع والأكثر تأثيرا خلال عقود، وأعادت القضية للواجهة، بثمن كبير، حيث أوقعت خسائر كبرى فى جيش الاحتلال، الذى حولها إلى دعاية، وسعى الإعلام الإسرائيلى إلى تسويق صور وفيديوهات لمن اعتبرهم مدنيين، بالرغم من أن أغلب من تم أسرهم كانوا من الجنود والمستوطنين الذين مارسوا القمع والعدوان على الفلسطينيين.
 
وهنا من المهم لفت النظر إلى أن الحرب جزء منها يقوم على الدعاية والتسويق أمام العالم، فى عصر يوصف بأنه «عصر الصورة»، فقد التقط الاحتلال الفيديوهات التى ظهرت فيها عمليات الأسر أو المستوطنين الكبار فى السن، وروجها باعتبارها عمليات ضد المدنيين، بينما اكتفى بأرقام العسكريين، وقلل من صورهم، وقام بترويج صورة الضحية، وهو ما انعكس فى حجم التعاطف والدعم الذى صدر من الولايات المتحدة، وأوروبا، ووصل إلى إرسال حاملة طائرات أمريكية إلى المنطقة، و8 مليارات دولار، وجسر جوى من الأسلحة والصواريخ، وتم غض الطرف عن أن أغلب الشهداء الفلسطينيين فى غزة من المدنيين، وخاصة الأطفال والنساء، أكثر من 1055 شهيدا و6 آلاف مصاب، 60% منهم من النساء والأطفال، حسب وزارة الصحة الفلسطينية، مع استمرار الاحتلال فى حرب الإبادة، والتجويع، باستدعاء الاحتياط، ومواصلة القصف للمدنيين، وهدم المنازل وضرب المستشفيات وكل مناطق غزة، وقبلها تم قطع المياه والكهرباء والوقود، وكل مقومات الحياة.
 
لم تصل سوى المساعدات التى أرسلتها مصر، والدول العربية عبر معبر رفح، بجهود مصرية حاسمة، بالرغم من خطورة الحالة الأمنية، وكان الموقف المصرى معلوما للجميع، يقوم على التمسك بثوابت القضية الفلسطينية، والتحذير من انفجار الأوضاع، ولا تزال الدولة المصرية تسعى لوقف العدوان، ولم تتوقف الاتصالات من الرئيس عبدالفتاح السيسى مع كل دول العالم، بما لمصر من علاقات مع كل المنظمات والجهات، لوقف العدوان والتأكيد على أنه لا بديل عن مسار السلام والدولة الفلسطينية، وحل الدولتين، وحذر الرئيس عبدالفتاح السيسى من تداعيات التصعيد على أمن واستقرار المنطقة، وأن مصر لن تسمح بتصفية القضية على حساب أطراف أخرى.
 
كما تنتبه الدولة المصرية إلى بعض الترهات التى تحاول تصدير القضية الفلسطينية واستغلال القوة المفرطة لاقتلاع الفلسطينيين من أرضهم، وهو ما يرفضه الفلسطينيون وتدركه مصر، وترفضه.
 
وإذا كنا فى سياق تعداد الانعكاسات من الحرب، فهى كشفت عن محاولة لإعادة سيناريوهات ومخططات قديمة، فشلت وتنتبه لها الدولة المصرية، وينتبه لها الشعب المصرى الذى يدرك تعقيدات الموقف وحجم التهديد، ويساند الفلسطينيين على مدى عقود بوضوح وحسم، ويتصدى لأى محاولات أو مخططات أو صفقات. 
 
ومن نقاط التحول أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو أعلن دعوته للمعارضة، حزب الليكود، الذى يتزعمه نتنياهو، وأن قادة أحزاب الائتلاف الحاكم كافة وافقوا على تشكيل حكومة طوارئ، فى خضم الحرب المندلعة مع الفصائل الفلسطينية، وهو درس يجب أن يعيه الفلسطينيون، فى المقابل ورغم توحد الفلسطينيين فى مواجهة العدوان، فإن هناك ضرورة للتوحد، والاستجابة للجهود المصرية التى تسعى لتوحيد الفصائل، حتى يمكن العمل معا، وإزالة أسباب تدفع الاحتلال للتملص من السير فى سياق السلام، وقد تقدمت المصالحة خطوات بجهد الأجهزة المصرية، يجب التقاط الفرصة لاستعادة وحدة الفلسطينيين وأن يذهبوا معا، لأنهم يدفعون الثمن معا.
 
أما الدرس الآخر، فهو أن هذه الحرب كشفت للمصريين وعيا بحجم ما يواجه الدولة المصرية من تحديات، على مدى أكثر من عشر سنوات، وتعيد الوعى بما تواجهه الدولة فى محيط مشتعل.  
p.8
 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة