حرصت أسرة المترجم الكبير الدكتور محمد عناني على توزيع آخر أعمال الراحل، وهو ديوان شعري يحمل اسم "أغنيات الخريف"، كتبه صاحب ترجمات شكسبير بعد رحيل زوجته الراحلة الناقدة الكبيرة نهاد صليحة، وعكف عليه فى آخر أعوام حياته بين عامي 2020 و2022.
يُعبر «عناني» في هذا الديوان عن حالةٍ شعورية يمرُّ بها بعد مسيرةٍ حافلة بالإبداع؛ حيث يتسرب إلى نفسه شعورٌ بأن شمس حياته في طريقها إلى الأُفول؛ ففي قصيدة «عودة الشِّعر» يستعيد نشوة الشباب وجمال الصِّبا، ويربط بين وجه الأنثى وحالة الإلهام التي يعيشها؛ إذ يجعل من وجهها وشَعرها المُرسَل على صفحات كل كتابٍ يُطالعه مُلهِمه في نَظم الشِّعر، فيَنهل من فُرات الشِّعر كلماته العذبة. أما قصيدة «دموع الميلاد» فيعود فيها إلى لحظة الميلاد؛ إذ يُصور خروج الجنين من رحِم أُمه وامتزاج الألم بالدماء والدموع في لحظةِ تَفجُّر الحياة كالبركان، كما يجعل لحالةِ العشق للمرأةِ نصيبًا وافرًا في العديد من القصائد، مثل قصيدة «خلْف الستار» التي يَستلهم مطلعها من قصيدةٍ للشاعر «علي محمود طه»، وقصائد أخرى بَثَّ فيها ما يَموج في صدره في لحظة الغروب.
وبدأ منذ قليل عزاء المترجم الكبير الدكتور محمد عناني، بمسجد عمر مكرم بالتحرير.
وحرص عدد من المثقفين والمترجمين من أصدقاء وتلاميذ الراحل الكبير على تقديم واجب العزاء، من بينهم الدكتور أنور مغيث رئيس المركز القومى للترجمة سابقا، الدكتور محمود الضبع رئيس دار الكتب الأسبق، الناقد الدكتور خيرى دومة، الدكتور خالد توفيق أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة، المترجم الدكتور مصطفى رياض، المخرج المسرحى عمرو قابيل رئيس ملتقى القاهرة الدولي للمسرح الجامعي، الكاتبة والناقدة المسرحية رشا عبد المنعم.
محمد عناني (4 يناير 1939- 3 يناير 2023) هو مترجم وأديب وكاتب مسرحي وناقد وأكاديمي مصري، ولد في رشيد بمحافظة البحيرة، ورثاه عدد كبير من الكتاب والنقاد على وسائل التواصل الاجتماعي.
حصل محمد عنانى على درجة البكالوريوس (مع مرتبة الشرف) في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة القاهرة في عام 1959، وحصل على الماجستير من جامعة لندن عام 1970، وعلى الدكتوراة من جامعة ريدنج عام 1975. صدر له أكثر من 130 كتاباً باللغتين العربية والإنجليزية، تتنوّع بين الترجمات الهامة والأعمال الإبداعية.
عمل عناني كمراقب لغة أجنبية بخدمة رصد بي بي سي في كوفرشم (بيركشير) من عام 1968 إلى 1975 أثناء إكمال دراسة الماجستير والدكتوراة. ثم عاد إلى مصر في عام 1975 وعمل محُاضراً في اللغة الإنجليزية في جامعة القاهرة، كما انضم أيضاً إلى اتحاد كتاب مصر. ترقّى إلى درجة أستاذ مساعد (مشارك) للغة الإنجليزية عام 1981 ثم حصل على الأستاذية عام 1986. رأَس عناني قسم اللغة الإنجليزية بالجامعة بين عامي 1993 و1999.
انتُخب عناني كخبير في مجمع اللغة العربية بالقاهرة عام 1996،وكان المنسق الأكاديمي لبرنامج جامعة القاهرة الخاص بالترجمة الإنجليزية بين عامي 1997 و2009، والذي من خلاله ألَّف أو نقّح كل ترجمات وكتيبات التدريس الخاصة بالجامعة منذ عام 1997. وبين عامي 1986 و2003 كان المحرّر العام لسلسلة الأدب المعاصر – سلسلة الأعمال الأدبية العربية المترجمة إلى الإنجليزية – والتي صدر لها 75 عنواناً نشرتها الهيئة المصرية العامة للكتاب. ومنذ عام 2000 أصبح مسئولاً عن سلسلة «الألف كتاب الثاني» للترجمة إلى اللغة العربية، والتي تنشرها هيئة الكتاب المصرية.
كتب عناني عدداً من المسرحيات العربية التي عُرضت في القاهرة والمحافظات المصرية (سبعة أصلية وثلاثة مُعدّلة وثلاثة مُترجَمة) بين عامي 1964 و2000. وكان محرّرا لمجلة المسرح المصري منذ عام 1986، ومحررا مشاركا للمجلة الثقافية الشهرية سطور من عام 1997 وحتى 2007.
حصل محمد عنانى على جائزة الدولة في الترجمة 1982، عن ترجمة ميلتون الفردوس المفقود إلى اللغة العربية، وسام العلوم والفنون من الدرجة الأولى 1984، وجائزة بن تركي للتميز في الترجمة إلى الإنجليزية 1998 - تُمنَح من المملكة العربية السعودية برعاية جامعة الدول العربية، جائزة الدولة في الآداب عام 1999، وجائزة الأداء المتميز في الكتابة المسرحية من المعهد العالي للمسرح 2000، جائزة الدولة للتفوق في الآداب 2002، وجائزة الملك عبد الله الدولية في الترجمة 2011، جائزة منظمة جامعة الدول العربية (ALESCO) للعلوم والثقاقة في الترجمة إلى الإنجليزية، بغداد 2013، جائزة رفاعة الطهطاوي في الترجمة إلى العربية، المركز القومي للترجمة 2014
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة